زاد الاردن الاخباري -
يبشر الرئيس الأمريكي جو بايدن العالم بأن أزمة بنوك بلاده آخذة في الانحسار، ويعيد منذ أيام عبارة أن النظام المصرفي الأمريكي متين وأن الودائع في أمان ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تجاوزنا بالفعل بوادر أزمة مالية عالمية على غرار 2008 بعد انهيار بنك ليمان براذرز أم أن الخطوات التي اتخذها البيت الأبيض بمثابة إبر تخدير مؤقتة؟
قبل أيام حبس العالم أنفاسه على وقع انهيار ثلاثة بنوك أمريكية بشكل مفاجئ ، هي سيلكون فالي وسيجنتشر وقبلها سلفر جيت ، وخسرت أسواق الأسهم العالمية مئات المليارات من الدولارات في أسبوع وخصوصا أسهم قطاع المصارف .
ما فعلته أمريكا هو تغيير استراتيجية التعامل مع الأزمة، حيث دفعت بنوك كبرى لإيداع 30 مليار دولار في بنك فيرست ريبابلك الذي صار أحدث المتضررين من أزمة مصرفية سريعة الاشتعال.
"ودائع الانقاذ " هذه من جيه.بي مورجان وسيتي جروب وبنك أوف أمريكا وجولدمان ساكس ومورجان ستانلي وغيرها من المصارف الكبرى في بنك فيرست ريبابلك الذي تراجعت أسهمه 70%، في جلسات التداول التسع الماضية، تعطي إشارة بأن القطاع المصرفي لا زال مهتزا ويعيش الصدمة وتساقط قطع الدومينو ربما يتواصل فيما بعد.
بالمناسبة فيرست ريبابليك، يعتبر البنك الرابع عشر بين مصارف الولايات المتحدة من حيث حجم الأصول، ويمكن وصفه بأنه بنك الأثرياء خصوصا أن غالبية عملائه من طبقة الاثرياء ، لهذا يمكن فهم سرعة التحرك لتلافي انهياره.
حركة الأسواق تؤكد أن "ودائع إنقاذ" بنك فيرست ريبابليك فشلت حتى الآن في تهدئة مخاوف المستثمرين، وعملية التدليس ومسابقة الزمن التي تجريها السلطات الأمريكية لمنع مزيد من الانهيارات في القطاع قد لا تعالج لب الأزمة ، وهي السياسات الاقتصادية لإدارة بايدن والرفع المتواصل من الفيدرالي للفائدة وغياب رقابة حقيقية على النظام المصرفي ، وهنا حديث عن استغلال بنك فيرست ريبابليك الضحية المتوقعة القادمة ، سيولة قيمتها 109 مليارات دولار من الاحتياطي الفيدرالي قبل حزمة الإنقاذ!!
هل تنجح الودائع في إعادة الصلابة المطلوبة للنظام المصرفي الأمريكي ؟ بالطبع تعتبر إحدى الحلول لكنها ليس كافية لضمان انحسار الأزمة كما بشر بايدن .وما قامت به المؤسسة الاتحادية لتأمين الودائع بضمان أموال المودعين مهما كانت قيمة ودائعهم يعطي مؤشرا إيجابيا على سلامة القطاع المصرفي في الشكل لا المضمون.
أما قيام مجموعة إس.في.بي المالية، الشركة الأم للبنك، بتقديم طلب لإعادة الهيكلة بموجب الفصل 11 من قانون الحماية من الإفلاس، فهو إجراء قانوني متبع في هذه الحالات ، وسيكون له توابعه على حركة الوظائف وسوق الإقراض وخصوصا للشركات الصغيرة والمتوسطة.
"كريدي سويس " السويسري الذي يواجه أزمة وجودية وسط مخاوف انتقال عدوى المصارف الأميركية إليه ، تم تلافي افلاسه بضخ البنك المركزي السويسري 54 مليار دولار كقرض للبنك لدعم السيولة واستعادة ثقة المستثمرين، لكن كل ما يحدث بمثابة ذر الرماد في العيون لأزمة مصرفية لم تطوى فصولها بعد .
ريما يلخص البنك المركزي الصيني تفسيره لانهيار البنوك الأمريكية ، في التحولات السريعة في السياسة النقدية بالاقتصادات المتقدمة وخصوصا سياسات الفيدرالي التي كان لها تداعيات خطيرة على الاستقرار المالي العالمي وسوق الإقراض وحركة أسواق المال وزيادة متاعب الاقتصادات المتقدمة قبل الناشئة.