إن الحكومة الإسرائيلية الحالية تشكلت بطريقة إلتفافية من وزراء متطرفين وعنصريين , أرادوا فرض نفسهم في الداخل والخارج فمعظمهم لديه سوابق ترقى لقضايا جنائية ,حيث أرادوا الضغط على القضاء لديهم لتسيسه كما يريدون وهذا جعل وضعهم الداخلي حرج , وشاهدنا المظاهرات في الداخل والتهديدات لأعضاء الحكومة الإسرائيلية, كل ذلك جعل من هذه الحكومة فريقاً يعمل بهمجية وبأحكام شريعة الغاب, ضاربين عرض الحائط لكل المواثيق والقوانين الدولية والإتفاقيات ومعاهدات السلام التي شهد العالم على توقيعها في السابق,ظناً منهم أن كل شيء مستباح لديهم , بدأً من التضييق الكامل على الفلسطينيين في الداخل والتجاوزات عليهم من إعتقالات وقتل وإستهداف لحياتهم, وتغيير في ملامح الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة من هدم للبيوت والتوسع في بناء المستوطنات والإنتهاكات الصارخة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس , والتنصل من المعاهدات الأمنية الأخيرة.
لقد بلغ التطرف والهمجية للحكومة الإسرائيلية في قيام وزير ماليتهم بتسلئيل سموتريتش وعلى أحد المنابر الدولية في باريس بتصريحات عنصرية إستفزازية همجية عن الأردن وفلسطين وذلك بنيته ضم أراضي الحدود الأردنية لتشكيل ما يزعم بأنها دولته, وعرضها كخارطة أمام أعين العالم.
لم يكن ذلك ليحدث لولا التراخي العربي والدولي لما تقوم به هذه الحكومة على أرض الواقع مستغلة إنشغال العالم وبالأخص الدول الضامنة للقضية الفلسطينية الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالحرب الروسية - الأوكرانية, مما أدى إلى غطرسة الحكومة الإسرائيلية للحصول على مكاسب غير شرعية ظناً منها أنها تستطيع تحقيق ذلك بقوة السلاح.
لقد حذر جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في أكثر من محفل دولي وأمام الرئيس الأمريكي من خطورة الوضع وبما تقوم به هذه الحكومة من ممارسات غير مسبوقة تقود المنطقة إلى المجهول, فقد بذل جلالة الملك كل ما يمكن من الدبلوماسية لأجل تخفيض التصعيد بالأراضي الفلسطينية ووقف أية إجراءات أحادية من الجانب الإسرائيلي ,بدأً من زيارته الأخيرة للولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الأمريكي بايدن, ومن بعدها توجيهاته للدبلوماسية الأردنية في إجتماع العقبة الأمني الأخير, ولقاء جلالته الأخير مع وزير الدفاع الأمريكي في الأردن ,والذي كان يؤكد جلالته أيضاً على الثوابت الأردنية بإيجاد أفق سياسي حقيقي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين , الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 , وعاصمتها القدس الشرقية , وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية,لأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يشكل خياراً إستراتيجياً عربياً,وضرورة لتحقيق الأمن والإستقرار الإقليميين والدوليين ,إضافة إلى الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس .
لقد تكلمت سابقاً عن هذه النوايا الإسرائيلية وكتبت على وسائل الإعلام عن وزير الخارجية الأمريكية أثناء زيارته الأخيرة للأردن ولإسرائيل ومصر بأن على الولايات المتحدة تحمل مسؤوليتها تجاه ما يجري داخل الإراضي الفلسطينية , لأن الحكومة الإسرائيلية تريد التنصل من أي إتفاقيات سابقة , ومن هنا وإضافة إلى موقف الحكومة الإردنية المشرف الممثل بإستدعاء السفير الإسرائيلي, فإنني أذكر القادة العرب بإجتماعهم في القمة العربية القادمة في شهر أيار في الرياض, بتوجيه رسالة حازمة للعالم تتضمن مبادرة فيها خطوات إيجابية واضحة للسير بخطة سلام عربية , وقبلها مرحلة تهدئة حقيقية لتوفير الأجواء المناسبة لذلك , وأن يتم وقف النشاطات الإقتصادية لكافة الأقطار العربية مع إسرائيل لحين البدء بالمفاوضات الجادة برعاية دولية, لتلمس إسرائيل بأن هذا الخيار السلمي مطلب عربي من جميع الدول دون إستثناء.
فموازين القوى العالمية والتحالفات السياسية والإقتصادية الجديدة ستجعل للدول العربية ثقل دولي كاف لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وحل الدولتين المنشود, وخصوصاً بأنه يلوح في الأفق تقارب إقليمي في منطقة الخليج يزيد من هذا الثقل.
الخبير الإستراتيجي في مجال السياسة والإقتصاد والتكنولوجيا
م.مهند عباس حدادين
mhaddadin@jobkins.com