زاد الاردن الاخباري -
كشفت الرسائل المبرقة من السفارة الأمريكية في عمان الى واشنطن التي سربها موقع ويكيلكس مؤخراً عن موقف للبعثة الدبلوماسية من الكثير من القضايا الداخلية في الاردن.
الملاحظ أن الوثائق المسربة لا تحوي معلومات جديدة فمعظمها يتم تداوله بشكل علني في الكثير من الصالونات السياسية والاعلام عند ارسال تلك البرقيات, اضافة الى ان الربيع العربي ساهم في زيادة رقعة النقاش الوطني حولها.
التسريبات التي لخصت تقارير السفارة اعتمدت في الكثير من تفاصيلها على تصريحات ومواقف لمسؤولين سياسيين ونقاشات المسؤولين الأمريكيين معهم اضافة الى توجهات وتطلعات السياسة الأمريكية تجاه الأردن?
ويلاحظ في البرقيات رصد السفارة الأمريكية الأحداث والتطورات والآراء والتوجهات على الصعيد المحلي سياسيا واقتصاديا.
الا أن اللافت في برقيات السفارة الامريكية هو تقسيم المجتمع الاردني بشكل عمودي الى اقلية اردنية مهيمنة على مؤسسات الدولة السياسية والامنية مقابل اغلبية فلسطينية تعاني من التهميش ويتم التآمر عليها من قبل الطرف الاردني, حيث سيطرت الرؤية التقسيمية تلك على مئات البرقيات والتي ناقشت التركيبة الديمغرافية في الأردن.
ويرصد الدبلوماسيون الامريكان اسباب التعثر السياسي في الاردن ويعزونه الى الخلاف على الهوية الأردنية. وتقول برقية المحاورين الحكوميين يقولون لنا تكرارا انه بدون حل للقضية الفلسطينية فان الإصلاح السياسي الداخلي في الاردن غير ممكن. ففي اعين المسؤولين الحكوميين (معظمهم شرق أردنيين) فان السماح للأردنيين من أصول فلسطينية الذين يشكلون غالبية السكان الحصول على حقهم من كعكة الانتخابات سيحول الأردن دولة فلسطينية.
هذه نتيجة غير مقبولة أردنيا. فالشرق أردنيين يدافعون باستماتة عن النظام السياسي والأمني الحالي.
وعلى الرغم من الثناء الذي اغدقته السفارة الامريكية على الانتخابات النيابية التي جرت خلال العقد الماضي الا أن برقية تكشف حجم التشويه والتدخل الرسمي الذي طالها اذ تقول برقية صادرة عن السفارة أن أعضاء البرلمان هم من أفراد المخابرات المتقاعدين, وسواء كان صحيحا أم لا, يفترض المراقبون السياسيون في الأردن أن غالبية النواب المتبقين هم أيضاً على سجل رواتب دائرة المخابرات العامة.
وتضيف في أوقات الانتخابات, عادة ما يوجد تقارير تفيد بأن دائرة المخابرات العامة قدمت التمويل لمؤيدي الحكومة, وشجعت شخصاً للترشح للبرلمان من أجل تقسيم الدعم العشائري ضد مرشح ذي موقف غير ودي, أو قامت بتوفير حوافز مالية لبعض الساسة حتى لا يترشحون للانتخابات.
ويظهر التقسيم من خلال التعريف بالمسؤولين وفقا لجذورهم التي ينحدرون منها, فمثلا تم التعريف على رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي, شرق أردني من عشيرة كبيرة ومتجذرة في الجنوب الأردني بينما كان نصيب رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله من التعريف ب¯ أردني من أصل فلسطيني. ويظهر الانحياز البرقي للدبلوماسية الامريكية حد التعاطف مع شخصية اشكالية مثل باسم عوض الله في الوقت الذي اتهمت البرقيات مناوئي الرجل بانهم قبليون, وهو ما ساهم في تعرضه ل¯ هجمة شرسة لاغتيال شخصيته من قبل الشرق أردنيين.
البرقيات وبشكل مذهل تنعى المسيرة الاصلاحية في الاردن وذلك لفقدان عوض الله كلاعب سياسي يترك عملية الإصلاح الأردني دون راع وحامل فاعل لها.?
وامعانا في التقسيم تصف البرقيات السجال السياسي في البلاد ب¯طاحونة الشائعات في انحياز واضح من قبل اركان السفارة في عمان لباسم عوض الله من خلال اعتبار أن الحملة التي استهدفت تشويه سمعته كونه الشخصية التي تعرضت لضغينة المعادين للفلسطينيين وللإصلاح ومن قبل المحافظين العشائريين الشرق أردنيين.
وتعكس الصيغة التي كتبت بها البرقيات حول هذه القضية تحديدا دفاعا محموما عن باسم عوض الله مقابل هجوم على خصومة القبليين كما تسميهم البرقيات دون ايراد اي من المواقف التي تبناها الكثير من السياسيين والتي هاجمت خط الرجل الاقتصادي والذي ادى الى تحميل البلاد مديونية هائلة اضافة الى شبهات الفساد المالي التي طالت مسيرته.
الا أن البرقيات تبشر بعودة الرجل الى الحياة العامة بعد خروجه منها باعتبار ان سجل (الفضائح) كما سمتها برقيات السفارة لا يسمح لعوض الله بالعودة لحياة سياسية فاعلة في الأردن على المدى القريب.
وتغوص البرقيات في تعقيدات المشهد الاردني الداخلي كقضية التمثيل النسبي في البرلمان والمحاصصة والحقوق المكتسبة مع ادراك تام لمخاوف الشرق أردنيين وفق التصنيف الامريكي من مسألة الوطن البديل والتوطين والتوازن الديمغرافي.
وتكشف البرقيات ان السفارة الامريكية في عمان ساهمت في دفع المسؤولين الاردنيين ومن خلال الاستعانة ببعض رجالاتها في الحكم من أصحاب النفوذ السياسي والمالي الى تحول الاردن الى بلد ليبرالي سياسياً واقتصادياً من خلال الخصخصة وبيع أراضي الدولة.
وتعكس البرقيات الحماس الامريكي لعودة باسم عوض الله وفريقه, باعتبارهم أبطال الإصلاح والليبرالية.