في ظل التحول السياسي الدائر اليوم والحاجة الماسة للتغيير الجيوسياسي العام للأحزاب، ما يزال البحث عن أمل جديد يسعى فيه الشباب الى تحقيق طموحاتهم ومتطلباتهم المستقبلية موجودا مع إبقاء قيادات متجددة ومعاصرة مستنبطة من رحم الشعب قادرة على إيجاد الحلول المناسبة والشمولية للوصول الى الأهداف الرامية من نشأتها على الساحة السياسية.
الأحزاب التي تشكلت حتى هذه اللحظة وصلت الى مرحلة تخطت بلا شك العقبة الأولى من دورة حياتها السياسية وهي التشكيل في أجهزتها القيادية والتي كونت من أصحاب الخبرة والخطابة والشباب والمرأة، وغيرهم من مكونات، ليكون الانتقال هنا واجبا الى مرحلة أخرى اكثر أهمية وحاجة وهي مرحلة تعزيز ممارسة النقد والنقد العلني خاصة، فالأحزاب التي تضيق بالنقد والمُراجعات، وتتستر على الأخطاء هي أحزاب تربّي الفساد وتنمّي في مؤسساتها وسلوكها الضعف والتفكك، بحيث لا تقوى على السير بخططها واستراتيجياتها، إضافة إلى أنها تعطل الحوار فيما بين منتسبيها وتفشل كافة الجوانب التي تطيل عمر الاحزاب.
وأما المرحلة الأخرى التي يجب الانتقال إليها أيضا هي التعدد الثقافي والاجتهادي داخل الحزب، والتي تكمن في مدى قدرة تعامل كوادر الحزب على القبول بالرأي الآخر داخل الحزب وخارجه، ومدى التماسك بين الأطراف المتعددة، وهو ما يعتبر مؤشرا مهما لعامل النمو الحزبي، فالأيديولوجية الغالبة والمؤثرة هي التي ارتكزت عليها معظم الأحزاب في السابق، فكان التناقض متصاعداً والمؤشر لا يوحي بإيجابية المستقبل الحزبي وهذا السبب الذي أفشل أغلبها وضعف البعض الآخر.
لهذا على الأحزاب الانتقال من بعدها الى مرحلة جديدة تسمى باستغلال الفرص وهي الاستفادة من الدروس السابقة وتجاوزها، والنظر إلى المستقبل بإيجابية، من خلال التشخيص السليم للواقع، وإيجاد المنطق في الحلول مع الوعي الحقيقي بطبيعة التحديات التي تقف في طريق مسيرة الحزب، لكي تستجاب لها عمليًّا، فلا تترك بشكل تتفاعل فيه وتستفحل وتتمدد في عمق الزمان ومتاهات المكان.
اما المرحلة التي تليها فهي مرحلة التعبير عن هموم الناس المعيشية فالحزب دائما ما يكون ابن بيئته والمتحدث بلغتهم، فلا جدوى ولا معنى منه إذا لم يعبر الحزب عن هموم الناس خاصة في وجه الحكومات التي تكرّس الجوع والفقر والحرمان في نهجها وتسعى في إشغال الناس بحياتهم اليومية، لإخراجهم من دائرة المجال السياسي.
فالأحزاب السياسية ينقصها بعد كل تلك الخطوات الانتقال الى القوة الحقيقية في التمثيل من خلال المال والإعلام والتشبيك مع منظمات المجتمع المدني المحلية والمنظمات الدولية، لحبك خيوط العلاقات في شتى المجالات من أجل القدرة على مقاومة الظلم والفساد والاستبداد وقول كلمة الحق والتضحية من أجل الحرية والعدالة التي أنشئت من أجلها الأحزاب الديمقراطية في ميادين السياسة.
فالأمل في هذه الأحزاب ما يزال منشوداً وفكرتها تحترم ولا أحد يستطيع التقليل منها، ولأننا لم نعد نتحمل الخلاف ولا تقبل الاختلاف في الآراء والرؤى والطروحات على أرضية وطنية شرعية دستورية، لذلك المشاركة الفعالة من قبل الشباب خاصة في جميع الأحزاب ستنتج مجالس سياسية واقتصادية واجتماعية تبدأ بالإصلاحات الحقيقية التي طال انتظارها.