زاد الاردن الاخباري -
كايد الركيبات
إن منصب رئيس الوزراء في مملكتنا الحبيبة، من أوجه واهم المناصب السيادية، الذي لا يتردد احد بالقبول به، فيما لو عرض عليه، وبغض النظر عن الظروف المحيطة والسائدة، ولم يسبق ان مرت حالة تلكأ بها احد، ممن كلفوا بتشكيل الوزارة، في الظروف العصيبة، إلا ما كان من الدكتور حسين الخالدي ، في سنة 1956، فترة أحداث الزرقاء، وكان الخالدي مشهود له بالوطنية الصادقة، ولكن آثر مصلحة الوطن على كل الاعتبارات، وكُلف إبراهيم هاشم، أقدم رجل دولة في عمان، حسب وصف كلوب باشا له في مذكراته ، كما ووصفه الملك حسين رحمة الله، بأنه الشيخ الحكيم، ومن رجال القانون اللامعين، ومن كبار الإداريين ، فهذا الرجل كان متخصص بتشكيل حكومات إدارة الأزمات، فقد شكل حكومة في 18 تشرين أول 1933، والتي أشرفت على انتخابات المجلس التشريعي الثالث (1934-1937) ، وعاد لتشكيل حكومة انتقالية، في 1 تشرين أول 1956، مهمتها إجراء الانتخابات النيابية، للمجلس النيابي الخامس (1956-1961) بعد حل المجلس النيابي الرابع، في 26حزيران1956، بعد حدوث مظاهرات في مناطق عديدة من المملكة، بسبب شعور بعض القوائم الانتخابية، بان الانتخابات لم تكن نزيهة، وخلال هذا المجلس، تم معارضة فكرة دخول الأردن في حلف بغداد، فجرت الانتخابات للمجلس النيابي الخامس في جو من النزاهة والحرية، وكانت من نتائجها تشكيل أول حكومة حزبية أردنية، والتي لم تقوى على البقاء في السلطة أكثر من بضعة أشهر.
وفي هذه الأيام، التي تتعالى فيها المطالب بالإصلاح، ومحاربة الفساد، والقضاء على البرقراطية، والسلحفة الحكومية، بالتعامل مع القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، اعتقد ان الاعتبارات التي تحكم اختيار رئيس الوزراء المنتظر، يجب ان تختلف عن كل عمليات الاختيار السابقة، فالرئيس المنتظر، يجب ان لا يكون قد شغل هذا المنصب سابقا، من قاعدة ان المجرب لا يجرب، ويجب ان لا يكون أيضا، ممن سبق له ان شغل منصب وزير في حكومات سابقة، أو مدير عام لمؤسسة حكومية أو خاصة، ليس إقلال في شأنهم، أو تحقيرا لجهودهم، ولكن لأن أي ممن سبق له العمل في الحكومات، والوزارات والوظائف العليا، سيكون شارة لرصاص بنادق النقاد، وتهدى له عيوبه من كل صوب، وسيكبل بها ولن يستطيع ان ينجز عمل، أو يقدم فكرة، بل سيمضي وقته بالدفاع عن نفسه، وتبييض صفحته، وتلميع صورته.
فهذه المرحلة كيوم العيد، لابد فيها من الجديد، فرئيس نظيف ذات اليد، ووزير حليم من غير ضعف، ومدير حريص على ثروات البلاد، فما المانع من ان يكتسي الأردن ثوبا جديد، ونلقي بالعهد القديم وراء ظهورنا، ونعيد بناء ما تحطم، ونستدرك ما بقي، ونوقف المتنفذين، الطامعين، المستحلين، لخيرات بلدنا، عند حدودهم، ونهمشهم ونحجمهم، فلا كلمة تعلو على الحق، ولا احد فوق القانون.
اما إن كان رئيس وزرائنا المنتظر، ابن وزارة، ووزرائنا أبناء ذوات، فالسبت سيكون جمعه، والخميس مثله، والأربعة الباقية أيضا جمعة.
فما عاد الواثق للكلام المعسول يسمع، وما عاد المُوالي مولا موال، وما عاد الأجير بالأجر يقنع.