القنصلية العامة هي بعثة دبلوماسية تقع في مدينة رئيسية، عادة ما تكون غير العاصمة، والتي تقدم مجموعة كاملة من الخدمات القنصلية.
يُعد التمثيل الدبلوماسي مظهر من مظاهر السيادة الخارجية للدولة، وعلى ذلك، فالدول كاملة السيادة الحق في إيفاد وقبول المبعوثين الدبلوماسيين، أما الدول ناقصة السيادة كالدول المحمية أو التابعة أو المشمولة بالوصاية أو المدارة من جانب دول أخرى، فهي عادة لا تملك إرسال مبعوثين دبلوماسيين من طرفها، وتتولى تمثيلها في الخارج الدولة الحامية أو المتبوعة أو الوصية أو القائمة بالإدارة.
يثبت للدولة الحق في ممارسة التمثيل الدبلوماسي كنتيجة لما تتمتع به من سيادة، وإستعمالها لهذا الحق يعد مظهراً من مظاهر سيادتها، وتأكيدا لوجودها القانوني ولإستقلالها في مواجهة الدول الأجنبية الأخرى.
إن ثبوت الحق للدولة في مباشرة التمثيل الدبلوماسي لا يفرض على غيرها من الدول أن تقبل ممثليها، أو أن تتبادل التمثيل إن لم تكن راغبة في ذلك، ولكن بالنظر إلى أن حياة الدول في المجتمع الدولي لا تحقق غايتها إلا إذا حسّنَت وطورت الصلات بينها، وهو ما تهدف إليه إقامة العلاقات الدبلوماسية؛ ولذا يجدر بالدول التي تعيش داخل إطار هذا المجتمع ألّا ترفض تبادل التمثيل الدبلوماسي بينها ما لم تكن هناك بواعث جدية تدعوها لأن تنهج منهجا مخالفا.
أصبح التمثيل الدبلوماسي الدائم الصورة الغالبة على التمثيل الدبلوماسي اليوم إذ يكاد يكون لكل دولة الآن -ما لم توجد ظروف استثنائية مانعة- بعثة دبلوماسية لدى الدول الأخرى، فقد وجُدت السفارة الدبلوماسية منذ أن وجُدت الدول، وشَهدت الدبلوماسية ملامحها الاولي منذ القرن الثالث عشر الميلادي .
جليٌ أنه ليس ثمة التزام قانوني بأن توفد الدول ممثليها الدبلوماسيين إلى الدول الأجنبية وتقبل في الوقت ذاته مبعوثي الدول الأجنبية الدبلوماسيين، بيد أن رفض الدولة إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى مؤداه انزوائها وبقائها خارج نطاق جماعة الدول وإقصاء نفسها تبعا لذلك عن دائرة تطبيق القانون الدولي، وهو ما ليس في صالحها إطلاقًا، ويعوق ارتقاءها وتدعيم مركزها الدولي.
قال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إن "قرار الملك عبد الله الثاني القاضي بفتح قنصلية في مدينة العيون، ودعمه لقرار التدخل لإعادة تأمين انسياب الحركة المدنية والتجارية بمنطقة الكركارات، يشكلان "تجليا للدعم الثابت الذي ما فتئت تعبر عنه الأردن للمملكة المغربية".
والأردن خامس دولة عربية تفتتح قنصليتها بالصحراء المغربية، بعد كل من جيبوتي وجزر القمر والإمارات والبحرين، ليبلغ بذلك عدد التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية الدولية بالأقاليم الجنوبية للمملكة 20 تمثيلية.
حبذا هذا النهج في الأندلس، إن إفتتاح قنصلية أردنية في الأندلس يكتسي أهمية خاصة وله طابع مميز، وسيبقى خالدا في ذاكرة ووجدان الشعب الأردني والأندلسي، على غرار كل المواقف "النبيلة" التي وقف فيها الأردن، قيادة وشعبا، مع المغرب في قضاياه المصيرية.
خلاصة القول، تلجأ الدول ذات السيادة إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية، لتحقيق مصالحها السيادية، وتقدر الدول في ذلك الصدد مصالحها العليا ومصالح شعوبها، وتستند الدول في ذلك لإرادتها الحرة وشخصيتها القانونية الدولية بوصفها الشخص الرئيسي للقانون الدولي.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات العربية الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي