الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس - بقي لغز عصا السودان التي حملها زعماء السودان العسكريين منهم والمدنيين منذُ مئات السنين ماثلاً أمامي لمدة طويلة من الزمن, إلى أن بدأ هذا اللّغز يتكشف لي شيئاً فشيئاً, فقد أجريتُ دراسة مسّحية بسيطة حول العصا السودانية والتي غدت علامة فارقة تميّزه عن غيره من سائر بلدان العالم العربي والأفريقي, حيث وقفتُ بعد ذلك على دلالة رئيسية لهذه العصا تتمثل في البعد (الصوفي) الديني والذي أدى بدوره لاحقاً إلى أن أصبحت هذه العصا ثقافة وجاهية من جهة, وثقافة قيادية من جهة أخرى, كيف لا ونجد أن الشعب السوداني بغالبيته أكثر الشعوب العربية والإفريقية اليوم إمساكاً وتلويحاً بالعصا.
يبدو أن الموروث (الصوفي) الديني لعصا كل من سيدنا موسى وسيدنا سليمان عليهما السلام متأصلة في نفوس وطبيعة الشعب السوداني الطيب إلى يومنا هذا, حتى باتت ثقافة وجاهية, وأخرى قيادية مع مرور الزمن, وأبعد من ذلك فقد تميّز الشعب السوداني عن غيره من الشعوب بصناعة العصا, وأن سعر العصا وقيمتها المادية والمعنوية يعتمد أولاً على نوع الخشب المأخوذ من الشجر المخصص لهذا الغرض, وعلى الانعكافات والتعرجات المقصودة في صناعة العصا ثانياً.
من جهة أخرى هناك دلالة وثقافة لطريقة الإمساك بالعصا, فهناك دلالة للإمساك بها من أحد الأطراف, ودلالة ثانية للإمساك بها من الوسط, وأخر عند الإمساك بها من بعد الثلث الأول, يضاف إلى ذلك ثقافة طريقة (التلويح) بها, حيث أنك تجد أن التلويح بها ربما يكون للتهديد, أو للتأييد, أو للرفض ..أو قد يكون للقبول, كل هذه الإشارات يفهمها الشعب السوداني.
وربما يستغرب البعض أن هناك دلالات عند الشعب السوداني لطريقة وضع العصا في حالة جلوس زعماء السودان العسكريين منهم والمدنيين.. مائلة.. عمودية.. أفقية.
وبعد..
الدول الاستعمارية التي تهافتت على استعمار السودان, كان لديهم مخاوف عديدة من (عصا السودان), وكانت عصا السودان تخيفهم أكثر من خوفهم من بندقيته, نأمل أن تتوحد اليوم عصا السودان ضد الدول الاجنبية الطامعة في مياه وأرض وذهب السودان, كي تعود السودان سلة الغذاء للوطن العربي, وأن يجتمع الشعب السوداني الطيب على مقولة (العصا لمن عصى).