زاد الاردن الاخباري -
لم تمض سوى ساعات قليلة على الإعلان عن قائمة المقبولين في الجامعات الرسمية, حتى بدأت أصوات السخط والاستياء بين أوساط الطلبة تعلو على نحو مثير للقلق, فقد جاءت القائمة هذا العام مخيبة لآمال الكثير من الطلبة, فالتخصصات التي كانوا يحلمون بها ووظفوا جل أوقاتهم الدراسية من أجلها ذهبت أدراج الرياح, خاصة الطبية والهندسية منها جراء الارتفاع المتصاعد في الحدود الدنيا لمعدلات القبول نظرا لمستوى العلامات غير المسبوق في نتائج امتحان الثانوية العامة.
الأزمة التي تسببت بها قوائم القبول الجامعي هذا العام ما كانت لتحوز على هذا القدر المتزايد من الاهتمام لولا خسارة شريحة واسعة ممن حصلوا على معدلات تجاوزت 95% مقاعد طبية وهندسية على وجه الخصوص, بينما كان الحصول على هذه المقاعد في سنوات سابقة أمرا متاحا وميسرا وهو ما شكل صدمة للطلبة والأهالي على حد سواء.
تكشف النتائج عن معدلات صادمة للجميع لم يكن يحسب لها حساب, حتى أن وزير التعليم العالي بدا مذهولا وغير مرتاح لما يجري في قوائم المقبولين, فمن غير الطبيعي أن تقف معدلات الطب عند حدود 97.8% كما في جامعة مؤتة, و6,98% في الاردنية وفي تخصص طب الأسنان 97.7% أو في الهندسة المدنية 1,97% والصيدلة 96.4% ودكتور صيدلة 97%, بينما في الجامعة الهاشمية حلق معدل الطب الى 98% وفي الهندسة المدنية 95.5%, وفي العلوم والتكنولوجيا استقر عند 3,98 حتى تخصص طب الأسنان قفز هو الآخر الى ما فوق 97% ودكتور الصيدلة 96.8% وفي الهندسة المدنية 95.9% والصيدلة 96%, وفي الجامعة الهاشمية كان معدل الطب 98%.
رغم أن وزارة التعليم العالي نحت باللائمة في وقت سابق على ما سمته فشلا ذريعا في إدارة امتحان الثانوية العامة وتسبب في هذه الورطة, على حد وصف مسؤول كبير في الوزارة بعد تزايد أعداد طلبة الثانوية العامة صاحبه ارتفاع في المعدلات, إلا أن ثمة أمور ستكشف عنها الأيام لاحقا.
لم يعد خافيا على أحد أن ملف القبولات الجامعية بوضعه الحالي كمن أسقط حجرا في بركة راكدة ظل الجميع ينظر اليها بامتعاض شديد لما تنطوي عليه من حساسية مفرطة لا سيما عند الشرائح التي تعتمد بشكل أساسي على المكارم الملكية في تأمين قبولات أبنائها في الجامعات وبأقل التكاليف, بينما بقي هذا الوضع يزعج آخرين, وسط دعوات متنامية للحد منه باعتباره يشكل ظلما لهم.
يبدو أن المشهد الجديد دفع بالحكومة الى إعادة النظر في نظام القبول الموحد على نحو جاد هذه المرة, فما كشف عنه وزير التعليم العالي مؤخرا بشأن استثناء جميع التخصصات التي تتعلق بالطب من قائمة القبول الجامعي بدءا من العام المقبل يعقبه بسنتين إلحاق التخصصات العلمية, ولاحقا فكفكة نظام القبول برمته, يعكس رغبة عليا بهذا الاتجاه مما حول ملف القبول الجامعي من ملف أكاديمي بحت الى ملف سياسي بامتياز, فالمطالبات الواسعة من قبل شرائح معينة في المجتمع بأن يكون نظام القبول الجامعي مفتوحا يخضع لأسس التنافس الحر لاقت آذانا صاغية عند المسؤولين, بيد أن هذه التغييرات التي ستشهدها سياسة القبول ستثير انتقادات وتساؤلات عديدة عما إذا كانت هذه التغييرات في سياسة الحكومة تمثل تبدلا جذريا في توجهاتها التي كانت منحازة الى فئة أبناء العاملين في القوات المسلحة المكارم الملكية منذ عقود طويلة, وهل ادارت ظهرها لهذه الشريحة الواسعة من أبناء الوطن والعودة لسياسة الاسترضاء, أم أنه تبدل مؤقت مرتبط بمرحلة معينة سرعان ما تنتهي.
الأصوات الرافضة لهذه السياسة الجديدة تجد أن ثمة ظلما كبيرا سيقع على أبناء العاملين في الجيش وممن يحظون بمكارم ملكية في حال تم تطبيق النظام لأنهم بكل بساطة سيحرمون من مقاعد يرون بالأساس أنها حق لهم أكثر من غيرهم بعيدا عن جدلية الجنسية والوطن واستحقاقاتها التي يحتدم النقاش حولها باستمرار, فإذا قررت الحكومة أن تشن هجوما مباغتا على حقوق ومكتسبات ترتبط بمستقبل أبناء العاملين في الجيش فهذا يستدعي العودة الى خصوصية المكارم الملكية وأسباب نشأتها وكيفية ظهرت, والظروف التي يدرس فيها أبناء هذه الفئة من المجتمع.
عموما يطرح ملف القبولات الجامعية علامات استفهام عديدة حول مستقبل التعليم العالي في الأردن وعن مصير كل الخطط والإستراتيجيات التي وضعت والأموال التي أنفقت للنهوض بالمؤسسات الأكاديمية ووضع حد لحالة الفوضى غير المسبوقة التي يشهدها هذا القطاع الحيوي.
العرب اليوم وليد شنيكات