لعل من أخطر التحديات التي تواجه الأردن ، تتمثل في معدلات البطالة ، لكونها التحدي الضاغط لا بل والمصنع لجميع التحديات ، والقضايا المتعلقة بإيجارات العقارات و القضايا العمالية ، وعموم قضايا المتعثرين ، بالتالي لو أن الأمر يقتصر على مفارقة واحدة ،لكان بالامكان تجاوزها ونحن في ظل مشهد دراماتيكي يتحرك وفق صيغ من المفارقات ، التي تجهز على الوطن من خلال إعدام المواطن إقتصاديا وباسم القانون ، نعم ، وإلا كيف
تجد أن المتعثر مالياً لا يستطيع أن يفتح ( بسطة ) ، أو يبيع على عرباية ترمس وفول ، ما هذا ؟! مع أن من أول مبادئ و ابجديات أي إقتصاد ناجح في العالم تجدها في كلمتين لا ثالث لهما ( دعه يعمل ) ، وهذا ما نلمسه حقيقة في جميع الدول المتقدمة عالميا ، إلا في الأردن تجد صاحب البسطة مطارد ، وصاحب العرباية مطارد ، والبائع على الرصيف مطارد ، والبائع المتجول مطارد ، وبالطبع المتعثر مالياً مطارد ، وإلى جهابذة الاقتصاد في الأردن نقول : ما دام أن القطاع العام عاجز عن توظيف العاطلين عن العمل ، وبحسب التصريحات الرسمية ، وفي ذات الوقت لا يوجد خطة حكومية تستطيع القضاء على البطالة ، فلماذا لا تتركوا الناس تعمل ؟!!
وهنا أتساءل : أي قانون هذا الذي يطبق بالقوة الجبرية على بسطات ، وباعة لا يجدون لقمة خبز تسد جوعهم ؟!!! فكيف بجوع أطفالهم الذين يسكنون في بيت خاوي لا يستطيعون دفع أجرته الشهرية ؟!!! ما لكم كيف تحكمون ؟!! هذه قنابل موقوتة أنتم تصنعون سعيرها ، وحين تنفجر ، ستخرج حتماً عن السيطرة ، بالتالي من يريد أمن واستقرار الوطن ، هو من يحمي ويشجع هولاء المساكين والفقراء والمحتاجين ، ويحثهم على العمل ، وليس العكس . ولكن
للأسف الشديد البعض يتفهم مهمته بشكل مغلوط ، فبدل أن يوفر الحماية لصاحب البسطة ، ما دام عمله شريف ، لا يذهب وباسم القانون إلى تجريمه ، وأحياناً لا يكتفي بمصادرة بسطة من لا يجد قوت يومه ، بل يزجه في الحبس ، وهنا أعود وأتساءل ، ترى : ما الذي نريده من هذا المواطن ؟! أي مواطن نريده أن يكون ؟!! نحن من يجعله ماذا يا سادة ؟! أترك الإجابة لكم ، كيف سيكون وضع إنسان غلقت بوجهه جميع الأبواب ؟!!
وهنا أقول لكم جميعا : ( كفى ) ، حقا ( كفى ) ، لأن هنا الفقر ، بسبب فقر السياسات مختلف ، والتفقير ، بسبب الافتقار للبرامج الحقيقة مختلف ، و مصادرة حق العمل ، باسم القانون مختلفة ، لأنها تصادر حق الإنسان في العيش ، ما يعني ببساطة أن أي مقارنة لا تجوز مع أي ظرف عالمي مهما كان ، لأن منع الحق في العمل ، هو منع للحق في العيش تشرعه ضمائر تحركها املاءات ومصالح ، ولكن أي مصالح هذه التي تضرب في خاصرة الوطن أرضاً وشعباً و نظاما ؟!!
والمفارقة العجيبة أننا نتحدث في ظل الركود الاقتصادي ، مع أنه ليس التحدي الوحيد الذي يواجه الاقتصاد الأردني المتخم بالديون والعجز، والتضخم الذي يصل إلى معدل 3.8 بالمائة، وبنمو يبلغ 2.7 بالمائة .
و المختصر الشديد ، فقط لندع الناس تعمل لا أكثر ولا أقل .
وأخيراً ،إلى متى سيبقى المواطن يدفع ثمن استمرار سياسات وقوانين ، ليس لها بداية ولا نهاية ، بكل ما تخلفه من تشرد للأسر الفقيرة ، ودفعهم إلى أمور نحن في الأصل نحاربها، للأسف سياسات لا تسهم إلا في زيارة الهدر وإضاعة الوقت و الجهد والمال ، مع أن الحل في كلمتين لا ثالث لهما ( دعه يعمل ) ....!!
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي