زاد الاردن الاخباري -
برحيل الدكتور عارف البطاينة، يفقد الاردن رجلا من رجالاته المخلصين، رجل عمل في مواقع عدة طبيباً وقائداً ووزيراً وعيناً وقبل ذلك وبعده وطنياً حقيقياً نظيفاً لا يغريه لمعان ولا سحر المنصب، لم يستثمر أيا من مناصبه لمصلحته الشخصية، بل كانت خدمة الوطن دائماً هدفه ومبتغاه.
الرجال مثل عارف باشا لا يسعون الى الشعبوية وحب الظهور ولا يتدافعون أو يعرضون وجوههم كلما لاحت امامهم كاميرات التلفزة او الصحافة ولا يزاحمون للسلام على اصحاب المراكز والالقاب، فهم لا يتزلفون لانهم اكبر من المناصب وان شغلوها استحقاقاً وليس مِنَّة أو توسلا.
انطلاقا من مبادئ عليا تمسك بها الدكتور عارف واعتزازا بكرامته التي ما فرط بها يوما في سبيل مغنم او مكسب، عُرِفَ عارف بالرجل الكبير المحترم ذو القيمة والمهابة والنبل.
كان الفقيد صاحب قرار جريء لا ترتجف يداه طالما أنه مقتنع بما يقرر، ما جعله مضرب مثل في القيادة والادارة الحصيفة.
ذات يوم عندما كان وزيراً للصحة جائته ممثلة للبنك الدولي تعرض عليه قرضاً مُيسّرا بعشرات الملايين بشرط ان لا يبنِ مستشفى جديدا وان لا يُوسِّع مستشفى قائما، فسألها ماذا افعل اذن بالقرض؟ فقالت أي شيء تراه مُناسباً اشتري سيارات واثاث واصرف كما تشاء من المكافآت، فكانت اجابته قبل ان تدخلي مكتبي لم اكن كوزير للصحة بحاجة الى اي قرض وبعد ان دخلت ارفض اي قرض، وبعد الحاحها عليه لقبول القرض قال لها بحزم ان لديه عمل يحتاج الى وقت، المندوبة غادرت المكتب بمشاعر تختلف تماماً عن تلك التي دخلت بها، فقد كانت تظن ان وزير الصحة سيفرح بملايينها غير المشروطة، لكنها لم تكن تعرف ان عارف البطاينة ليس اي وزير بل ليس اي رجل.
على الصعيد الانساني كان "أبو علاء" رب اسرة محب لأهل بيته، فلم اسمع عن انسان اكثر منه تعلّقاً بأبنائه وفيّاً لزوجته فقد ظل حزنه على فراقها يكبر مع الايام ولا يصغر، لدرجة انه اعتكف بالبيت بعد رحيلها، كأنه يأمل بأن يرى طيفها في ركن او زاوية فيه، اما علاقته بأصدقائه فكان مصدر سعادة لهم أخاً عند الملمات كبير في أخلاقه مستقيم في سلوكه بعيد عن القيل والقال لذلك كان محط احترام الجميع ومحبتهم.
تلك هي سيرة الرجال في الحياة، التي تتحول الى ذكرى طيبة بعد الرحيل.
رحم الله الفقيد أبا علاء، وعوَّض أسرته وعشيرته والوطن عنه خير العوض.