انتهت الحرب الأخيرة على غزه بنتائجها القاسية على مئات العائلات في القطاع ، وحتى الآن لم أسمع ولم أقرأ عن جهات رسمية أو شعبية تبادر بتقديم مساعدات للأشقاء المتضررين الذين يزيد عددهم عن 500 عائلة ، معظم أفراد هذه العائلات أصبحوا بلا مأوى بعد أن تهدمت بيوتهم ، فالمتعاطفون معهم كثيرون والمناصرون من دول وأفراد أكثر وأكثر ، لكن النتيجة هي جعجعة من غير طحن ، فتلك العائلة التي تهدم بيتها ولم يصمد منه غير بقايا كتل اسمنتية ، فهي بأمسّ الحاجة الى دعم مباشر من دون القنوات السابقة التي اعتادت الدول والفعاليات الشعبية على تسليم المساعدات لها وخاصة القيادات الفلسطينية في الخارج .
وأذكر في إحدى السنوات السابقة وبعد تعرض غزه الى حرب أشد من الحرب الأخيرة ، زرت القطاع بمهمة إعلامية والتقيت بعائلات كانت تنام في العراء ، وتعاني من الجوع الأمرّين ، وسألت سيدة تنحب أمام بيتها المتهدم عن عشرات الآلاف من الأطنان التي تبرعت بها دول ومؤسسات مدنية وأشخاص ، وماذا وصل لعائلتها المشردة من تلك التبرعات ، فقالت لا شيئ يا إبني ، فقط نسمع عنها ولا نراها !! ولهذا السبب لا نسمع في الوقت الحاضر عن متبرعين ، لأن غالبية الناس يعرفون أن المساعدات المادية المخصصة أصلاً لإعادة إعمار غزه وللسكان المتضررين تدخل في الحسابات الشخصية لتجار الحروب وأبنائهم المقيمين في قطر وتركيا ولا نسميهم ، لأنهم أصبحوا مكشوفين لغالبية الشعب العربي والفلسطيني ، معروفين للجميع باستثناء بسطاء الناس الذين لا زالوا يعتقدون بأنهم مناضلون شرفاء ، يخدعون المساكين بتصريحاتهم الجوفاء وأبواقهم الإعلامية ، أما المساعدات العينية فتتم مصادرة معظمها وبيعها الى التجار وهذا ما شاهدته بأم عيني في مطار العريش القريب من قطاع غزه وعند معبر رفح ، وقد نشرت تفاصيل بيع التبرعات في ذلك الوقت ، وأنا مسئول عن كلامي وعن صراحتي ، والمخفي أعظم والله المستعان .