نحن بأمس الحاجة إلى حوار وطني «هادئ وعميق»، تشارك فيه كل الفاعليات والقوى الحية بالبلاد، بهدف ضخ نفس ديمقراطي جديد في المشهد السياسي الأردني، الذي يتسم حسب رأي بـ«الضبابية والألتباس». أن الحوار الوطني الذي أدعو إليه «سيكون متلائماً مع توجه الأردن نحو تبني نموذج تنموي جديد»، كما أجدد الدعوة إلى عدم إختزال هذا النموذج التنموي في الجوانب الإقتصادية والمادية والإجتماعية فقط، بل «تمديده إلى إصلاح المشهد السياسي، وقضايا الديمقراطية والحكامة والتنمية المستدامة، والتوزيع العادل للثروة».
إن السمات الغالبة على المشهد السياسي الحالي، هي «الضبابية والإرتباك والحيرة والقلق والإنتظارية»، مشيراً إلى أن«المبادرات القليلة التي تبرز هنا وهناك أحياناً لا تصمد أمام هول الفراغ، وجمود الأجواء العامة، فبالأحرى أن تكون قادرة على تحريك الأوضاع، وتبديد المخاوف والتساؤلات لدى مختلف الأوساط والشرائح والطبقات».
من جهة أخرى، إن «إفتعال الخلافات وتضخيم الإختلافات، وإخضاعها لحسابات صغيرة وسياسية ولا مسؤولة» لأهداف إنتخابية. إن «الإنطباع العام لدى معظم الرأي العام هو أن ملفات الإصلاح الكبرى والأساسية تكاد تكون معطلة، وأن عدداً من القضايا الخلافية التي برزت في الفترة الأخيرة، سواء بشكل طبيعي أو مُفتعل، وتم استعمالها سياسياً من قبل عدد من الفرقاء، الذين يفترض فيهم أن يكونوا شركاء، يزيد من تأزيم الوضع والتباسه، ويخفّض إلى أدنى المستويات منسوب الأمل في إبداع الحلول للإشكالات، والملفات المجتمعية المطروحة».
إننا ننتظر من الحكومة العمل وتقديم الحصيلة، لأن «أي معارك أخرى غير تلك التي في الساحة في حكم الإستهتار غير المقبول بمصالح وطننا وشعبنا»، كما أن المزايدات العقيمة تضيّع التواصل الحكومي مع الناس والمؤسسات، وتضيّع الإصلاحات الكبرى، وتعمق الهوة بين المواطنين والأحزاب والسياسة. إن الإنتقادات للحكومة لا تعني التملص مما يقتضيه الإنتماء إلى الأغلبية الحالية، فكل الأحزاب تمارس ما وصفه بـ«التنبيه الإيجابي»، فليس الهدف «ضرب أو نخر الحكومة من الداخل، ولا نسعى إلى إضعافها أو تبخيس جهودها، أو تحجيمها أمام الرأي العام، خلافاً لما يقوم به البعض للأسف الشديد».
إن «التطلعات المشروعة لجماهير شعبنا من أجل تحصين المكتسبات، وفتح آفاق جديدة تمكن من مواصلة مسار الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي والثقافي، وتعزيز البناء الديمقراطي على أساس حياة سياسية سوية، قوامها الجدية والمسؤولية والإستقلالية».
كما نشدد على أهمية ضمان حياة سياسية أساسها «التنافس الشريف المتكافئ بين مختلف الفاعلين السياسيين، بما من شأنه أن يعيد الثقة والأمل والتعبئة، ويمكن من تجاوز وضعية الحيرة والقلق والضبابية والتردد».
إن«الأهم بالنسبة إلينا مصداقية المؤسسات، ونجاح هذه الحكومة وغيرها من الحكومات القادمة، لأنّ في نجاحها بكل تأكيد نجاحاً لوطننا وشعبنا».
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات العربية الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي