زاد الاردن الاخباري -
هانى احمد طه - كما كان متوقعاً وحدها الوساطة المصرية بين إسرائيل وحركة الجهاد الفلسطينية، هي التي نجحت في استعادة التهدئة بين الجانبين بعد خمسة أيام من القتال والهجمات المتبادلة بين الطرفين. أثناء احتدام القتال، كانت أطراف عديدة عربية وإقليمية ودولية تناشد الجانبين المتحاربين وقف الحرب بينهما، ولكن من دون أن يطرح أي من هذه الأطراف نفسه كوسيط لحل الأزمة، وذلك لأسباب عديدة، أهمها أن الدور المصري، في حل الأزمات بين إسرائيل والفلسطينيين على مدى خمسة عشر عاماً، قد برهن على مدى فاعليته مقارنة بكل أدوار الوساطة التي عرضتها قوى إقليمية ودولية كبرى في أزمات سابقة
والواقع أن نجاح الوساطة المصرية فى تحقيق التهدئة يعكس الثقل السياسى والأمنى الكبير الذى تتمتع به مصر ودورها البارز فى تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة وخبرتها الطويلة فى إدارة الأزمات والصراعات, إضافة إلى كونها دائما تمارس دور الوسيط النزيه الذى ينحاز إلى الاستقرار والسلام والتهدئة وتحقيق التنمية والازدهار انطلاقا من أن استخدام القوة العسكرية لن يحقق أهداف أى طرف, كما أنه يزعزع الاستقرار والأمن ويؤدى إلى الدمار الذى غالبا ما يدفع ثمنه بالأساس المدنيون والأبرياء. وقد حظى الدور المصرى فى تحقيق التهدئة فى غزة بإشادة المجتمع الدولى وأطراف الأزمة إضافة إلى الأمم المتحدة وأمريكا والدول المختلفة, وهو ما يعكس الرهان الدولى والإقليمى على دور مصر الفاعل فى تحقيق الاستقرار.
ولذلك تسعى مصر دائما إلى تحقيق الاستقرار وتثبيت الهدنة بين الجانبين ووقف كل الإجراءات الأحادية وفى ذات الوقت ضرورة العمل على إحياء عملية السلام وإنهاء الاحتلال ووقف الانتهاكات والاعتداءات فى القدس والمسجد الأقصى ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية باعتبار ذلك هو السبيل الوحيدة لتحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط.
تحقيق التهدئة، ووقف إطلاق النار يمثل خطوة مهمة ينبغى أن يتبعها خطوات أخرى خاصة دور المجتمع الدولى فى تقديم الدعم للفلسطينيين وتخفيف المعاناة الاقتصادية عنهم, والعمل على البدء فى مفاوضات جادة بين إسرائيل والفلسطينيين لتحقيق السلام العادل والشامل,
ولذلك من المهم تحقيق التهدئة وتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين، لأن التصعيد الحالى هو الأخطر منذ اشتباكات أغسطس 2022، بما يحمل احتمالات خروج الأوضاع عن نطاق السيطرة، مع الأخذ فى الاعتبار أن قطاع غزة يشهد جولات متقطعة على مدى سنوات من التصعيد بين الجانبين، وهو ما لا يفيد الجانبين، الأمر الذى يتطلب التشاور مع القوى الدولية والعربية المعنية باستقرار الأوضاع فى الأراضى المحتلة، وتفكيك الجمود المعزز لعدم الاستقرار الإقليمي، ووقف الإجراءات الأحادية الجانب من الجانب الإسرائيلي، وهو ما يمكن تجاوزه من خلال عودة الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى إلى مائدة التفاوض،
إن بقاء هذه القضية، دون حل عادل مستند إلى قرارات الشرعية الدولية، يفضى لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.. وعاصمتها القدس الشرقية، لا يعنى فقط استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، وإنما يعنى أيضا استمرار مرحلة الاستنزاف لمقدرات وموارد شعوب منطقة الشرق الأوسط، التى تواجه موجة هائلة من الصراعات المسلحة والأزمات السياسية الداخلية، بما يزيد من مضاعفات فوضى عدم الاستقرار.
باختصار، من دون الثقة في نوايا مصر نحو توسيع نطاق السلام سواء من الجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي كان من الصعب تصور دور مصري أثبت فاعليته وعلى الأخص في إيقاف القتال بين إسرائيل وحركة الجهاد الفلسطينية بعد خمسة أيام فقط من اندلاع الصراع.