زاد الاردن الاخباري -
حكايا التكريم ، واوسمته ، تفتح الباب واسعا للتساؤل عن هوية من ينسب بذلك ... وما هي الاسس التي يبنى عليها اختيار ( س ) ، واستبعاد ( ص ) ، برغم ان مقاييس السير الذاتية ، والشهادات والشهود على العصر بالغة الوضوح والدقة ، وكفيله ان تشي بموجبات اختيار فلان ، واشاحة الوجه عن علان ، لكن للأسف، عقب كل تكريم سواء مدني أو عسكري ، لابد أن يترك القائمون عليه في الحلق غصة ، لدى عقد المقاربات والمقارنات ، بين من كرموا ، ومن استبعدوا..
تقول سيرة التاريخ الأردني لحرب حزيران عام ١٩٦٧ ان تلك الحرب ، شهدت ولادة مصطلح " الشهيد الحي " لجندي أردني ، ذاد عن الحمى ، وأصيب، لكن ، لا كأي إصابة، فهو الوحيد الذي أرّخ جسده التشوهات التي وقعت عليه، حقيقة استخدام الصهاينة قنابل النابالم المحرمة دوليا ، وإصابته كانت الحقيقة الدامغة، والشاهدة على محاولة الإنكار والتملص الصهيوني من تبعات الادانة الدولية ..
حرب حزيران ، وقصة النابالم وانكار الصهيوني له ، كان شاهدها الوحيد ، حروق الوجه وكلا اليدين وضمور عضلاتهما والتشوه الشديد في الاصابع واليدين وضمور عضلاتهما، وانحناءات الكف والاصابع ناحية الكتف الذي عانى الضمور أيضا ناهيك عن تشوهات الحرق للوجه كاملا ، وكلها اجتمعت في جسد " الشهيد الحي " ، الذي وسم بالشهادة الحي ، بارادة ملكية طوال نصف عقد من الزمان ، الى ان توفاه الله عام ٢٠١٣ .
ووسم الشهيد الحي بالمناسبة، ناله الراحل من لدن جلالة الملك الراحل الحسين طيب الله ثراه ، وحتى لايذهب الظن بعيدا ، فجانب امتيازات الشهادة التي تمنح ومنحت للشهداء نالها أبنائه في حياته ، سواء من مكارم تعليم أبناء الشهداء ، أو حصص التعيين الخاصة بهم وآية مكارم كان يقرر بها لهم ، وسجلات القوات المسلحة كان على الدوام ، وما زال فيها ، الشهيد الحي ، الذي تجسد جروحه ، وحروق جسده ، وضمور العضل ، انه " قُد من قُبل " فلم تخيفه دبابة ، ولا رصاصة ، ولا حتى قنبلة محرمة نالت من وجهه المكرم ، وكانت الشاهد ، على صلابة الشهيد ..
القصة ببساطة ، ان للتكريم غنى بقيمته ومعانيه ودلالاته ، وهو فعل يعكس سلوك وثقافة الدولة النبيلة وانسانيتها ، ودرس يدرّس للأجيال، ليكون حافزا لبذلهم وعطاءهم، وقيمة تعزز دوافع الخلف للسير على خطى السلف ، لكن كل ذلك على ما يبدو بدأ يتلاشى ، في ظل حواشي استمرأت مزاجيتها قلب كل المفاهيم والقيم ، فبات التكريم يفقد معناه ، وغابت دلالاته الرمزية، وعمادها الأوطان وحبها ، وانصرف الى ما يشبه الفعل الاستهلاكي الخالي من كل دلالة، ومعنى ..