زاد الاردن الاخباري -
من ألمانيا إلى النمسا ومنها لمنطقة اليورو ككل، تتراجع الظروف المعيشية بشكل مستمر، وتبرز قضايا على أجندة الساسة؛ مثل الفقر وضعف الرواتب.
ففي 14 مايو/أيار الجاري، كشفت نتائج استطلاع في ألمانيا، أن نحو ثلث الموظفين في البلاد قالوا إن الأسعار المرتفعة على نحو ملحوظ استنفدت حدود طاقتهم المالية.
وأوضحت النتائج أن 21% ممن شملهم الاستطلاع قالوا إن رواتبهم "لا تكفي إلى حد ما" لتغطية النفقات المعيشية الحالية، فيما قال 8.5% إن رواتبهم "لا تكفي على الإطلاق" لتغطية هذه النفقات.
وجاء الموظفون الذي تقل رواتبهم الشهرية عن 2500 يورو على رأس الفئة التي تشكو من عدم كفاية الدخل لتغطية التكاليف المعيشية الحالية، حيث وصلت نسبة الشاكين من هذا الأمر في هذه الفئة إلى 43%.
ويمثل التضخم المرتفع في ألمانيا منذ شهور، عبئا بالنسبة للمستهلكين في البلاد إذ أنه يلتهم القدرة الشرائية، رغم أن وتيرة التضخم تراجعت في أبريل/نيسان الماضي للشهر الثاني على التوالي.
بيد أن معدل التضخم يستمر عند مستوى مرتفع بـ 7.2% رغم الوتيرة المتراجعة في الشهرين الماضيين، بل وصل معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية في الشهر الماضي إلى 17.2% مقارنة بنفس الشهر من 2022، فيما وصل معدل التضخم السنوي في أسعار الطاقة إلى 6.8%.
الحكومة الألمانية بدورها، تعمل على كسر حدة الأسعار المرتفعة للغاز الطبيعي والكهرباء والتدفئة عن بُعْد وتوفيرها بأسعار في المتناول وذلك من خلال تطبيق برنامج كبح أسعار هذه المواد بأثر رجعي.
وقالت روث براند، رئيسة المكتب الفيدرالي للإحصاء في ألمانيا، "إن معدل التضخم تراجع للشهر الثاني على التوالي، لكنه لا يزال عند مستوى مرتفع".
وحول سبب هذا المستوى المرتفع، وقالت "لا تزال المواد الغذائية، هو المحرك الأقوى للأسعار في سلة التسوق في أبريل/نيسان".
في أبريل/نيسان الماضي، كما في الأشهر السابقة، سٌجلت زيادات في الأسعار لجميع المجموعات الغذائية، وخاصة بالنسبة لمنتجات الألبان التي ارتفعت بنسبة 34%، والخبز بنسبة 21.3%، والأسماك بنسبة 19%، والسكر والعسل بنسبة 19.6%.
أوروبيا، يحاول البنك المركزي الأوروبي الحد من التضخم المرتفع عن طريق سلسلة من رفع أسعار الفائدة منذ يوليو/تموز 2022، إذ إن أسعار الفائدة المرتفعة ترفع من تكلفة القروض الأمر الذي يمكن معه تقليل الطلب ومواجهة معدلات التضخم المرتفعة.
ويسعى البنك المركزي الأوروبي إلى تحقيق استقرار في الأسعار في منطقة اليورو على المدى المتوسط من خلال إبقاء معدل التضخم عند 2%.
إعانات في النمسا في النمسا المجاورة، لم يكن الوضع أفضل، إذ خصصت الحكومة النمساوية، الأسبوع الماضي، حزمة مساعدات بقيمة 500 مليون يورو(541 مليون دولار أمريكي) لتخفيف أثار التضخم على العائلات المحتاجة والمحرومين.
وقالت الحكومة النمساوية، إن العائلات التي لديها أطفال، بصفة خاصة، سوف تستفيد من هذه المساعدات، والتي تتمثل في إعانات ومساعدات بطالة، وأخرى اجتماعية، حيث ستتلقى كل أسرة 60 يورو إضافية عن كل طفل شهريا حتى نهاية عام 2023، كما سيتم تقديم هذا المبلغ للعائلات ذات العائل الواحد ممن يقل دخلهم الشهري عن 2000 يورو شهريا.
وقالت وزيرة الأسرة سوزان راب، ووزير الشؤون الاجتماعية يوهانيس راوش إن العائلات ذات العائل الواحد، هي الأكثر تضررا من التضخم.
وأوضحت "نريد البدء من حيث يحتاج الأطفال للمساعدات في النمسا"، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك هو دعم العائلات المتضررة بأسلوب محدد يستهدف المحتاجين، وأضافت أن نحو 400 ألف طفل سوف يستفيدون من هذه الإجراءات.
ووفقا لإحصاءات مكتب الإحصاء الأوروبي" يوروستات"، التابع للاتحاد الأوروبي، زادت الأسعار على أساس سنوي في النمسا بنسبة 9.7% في أبريل/نيسان الماضي.
وفي منطقة اليورو، أعلنت وكالة الإحصاء الأوروبية "يوروستات"، قبل أيام، ارتفاع معدل التضخم في منطقة اليورو خلال الشهر الماضي وفقا للتوقعات، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
وسجل مؤشر أسعار المستهلك الموحد للاتحاد الأوروبي في منطقة اليورو ارتفاعا سنويا بنسبة 7% خلال نيسان/أبريل الماضي مقابل 6.9% خلال مارس/آذار الماضي، وهو ما جاء متفقا مع التقديرات الأولية الصادرة في 2 مايو/أيار الحالي.
في المقابل ارتفع مؤشر الأسعار الأساسي الذي يستبعد اسعار الطاقة والغذاء الأشد تقلبا بنسبة 5.6% مقابل 5.7% خلال مارس/آذار الماضي، وهو ما جاء أيضا متفقا مع التقديرات الأولية.
يأتي ذلك في الوقت الذي رفع فيه البنك المركزي الأوروبي في وقت سابق من الشهر الحالي أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار ربع نقطة أساس، في حين يرى أعضاء مجلس محافظي البنك أن توقعات التضخم مازالت "مرتفعة للغاية ولفترة طويلة للغاية".
دعوات لتدخل الحكومات وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي قال يواكيم ناجل عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي إن البنك يحتاج إلى مساعدة الحكومات والشركات لتجاوز أزمة التضخم المرتفع في منطقة اليورو.
وتابع "في حين تحتاج السياسة النقدية إلى مواجهة ارتفاع الأسعار عبر زيادة أسعار الفائدة، يتعين على المسؤولين الاعتراف بمحدودية تأثيرهم والمطالبة بالصبر لأن إجراءات السياسة النقدية تحتاج إلى بعض الوقت لكي تؤثر على الاقتصاد".
وأضاف أنه يتعين أيضا على سلطات حماية المنافسة ومكافحة الاحتكار الحد من قدرة الشركات على التحكم في الأسعار في السوق لضمان عدم المبالغة في زيادتها.
في النمسا، الخبير غابريل فيلبارماير، يرى أيضا ضرورة تدخل الحكومات الأوروبية في الأسواق من أجل ضبط الأسعار وبالتالي كبح معدل التضخم.
ويقول في تصريحات صحفية إنه في النمسا، التي تسجل معدل تضخم أعلى من المتوسط الأوروبي، يجب أن تتدخل الحكومة لتعليق زيادات إيجارات المنازل، ووضع سقف لأسعار الطاقة، وخفض أو وقف ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية، للسيطرة على الغلاء.
هذا التدخل المطلوب في السوق، بات سبب أزمة سياسية في النمسا في الأيام الماضية، إذ اشترط الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قائد المعارضة، تدخل الحكومة في السوق لضبط الأسعار، للمشاركة بإيجابية في التشريعات الحكومية التي يحتاج تمريرها أغلبية الثلثين، ما يهدد البلاد بشلل تشريعي.