أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
حقوقيون : مذكرة اعتقال نتنياهو خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة الدولية الكرك: مزارعون ومربو أغنام يطالبون بإعادة تأهيل الطريق الموصل إلى مزارعهم عجلون .. مطالب بتوسعة طريق وادي الطواحين يديعوت أحرونوت: وقف لإطلاق النار في لبنان خلال أيام الصفدي: حكومة جعفر حسان تقدم بيان الثقة للنواب الأسبوع المقبل حريق سوق البالة "كبير جدًا" والأضرار تُقدّر بـ700 ألف دينار الميثاق: قرار "الجنائية الدولية" خطوة تاريخية نحو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني الازمة الاوكرانية تقود أسعار النفط تجاه ارتفاع أسبوعي الصفدي: عرضنا على العمل الإسلامي موقعًا بالمكتب الدائم إصابة طبيب ومراجعين في مستشفى كمال عدوان صديق ميسي .. من هو مدرب إنتر ميامي الجديد؟ الأردن .. نصف مليون دينار قيمة خسائر حريق البالة بإربد بريطانيا: نتنياهو معرض للاعتقال إذا سافر للمملكة المتحدة الداوود يستقيل من تدريب فريق شباب العقبة انخفاض الرقم القياسي لأسعار أسهم بورصة عمّان مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرة النعيمات. وزير البيئة يلتقي المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن روسيا تعلن سيطرتها على قرية أوكرانية قرب كوراخوفي تردد إسرائيلي بشأن تقديم استئناف للجنائية الدولية الكرملين: قصف أوكرانيا بصاروخ فرط صوتي تحذير للغرب
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة الإستقلال المعجزة

الإستقلال المعجزة

23-05-2023 06:25 AM

لا يزال هنالك بعض العلماء والمؤرخون الذين يعتقدون حتى هذا اليوم بأن حركة إستقلال الأردن ونجاحها كان مثل المعجزة المفاجئة؛ فقد بدت الحكومة البريطانية متمسكةً برغبتها في الإحتفاظ بالأردن.

لقد سن الإسلام مفهوم الإستقلالية في كافة مجالات الحياة، تأكيداً منه أن الأمة المستقلة أمة عزيزة منيعة، لها مصادرها ولها مناهجها الخاصة، وأن الأمة التي لا تعي هذا المفهوم مصداقاً وتطبيقاً، هي أمة ذليلة تعج فيها الأخطاء والتناقضات.

جاء الإسلام ليكرس مفهوم الإستقلالية، فمن تكريس الإسلام للإستقلالية أنه جعل إرتباط المسلمين بالله وحده: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً) [آل عمران:28].

من تكريس الإسلام لمفهوم الإستقلالية تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة ليعطي الإسلام إستقلاليته الخاصة به، فقد كان اليهود يقولون: انظروا إلى محمد، إنه يصلي إلى قبلتنا ويدين بغير ديننا!

ومن تشوقه -عليه الصلاة والسلام- لهذه الإستقلالية، كان يجعل نظره في السماء، وكانت نظرته فيها تتوّق إلى إستقلالية لهذه الأمة، في القبلة.
وكان الرد الإلهي لهذا التشوق تأكيداً له: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) [البقرة:144].

وتأكيداً من النبي -عليه الصلاة والسلام- لمفهوم الإستقلالية، كان يجيل نظره في كل ما حوله، فيأمر بإزالة وتغيير كل شيء يذيب الشخصية الإسلامية أو يشوهها، حتى تعدى الأمر إلى أمور الطعام والشراب، فأمر بأن يتكلم المسلم على طعامه؛ مخالفة لليهود الذين كانوا لا يتكلمون بحضور الطعام.

حتى في الألفاظ والمفاهيم، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة:104].

لقد تشربت فطرنا السليمة هذه الفكرة، وسرت في عروقنا، وتسللت في أفكارنا، فنحن نعشق الإستقلال مهما أسرتنا القوة المتجبرة والظلمات، فنحن أمة تعشق الحرية، وتتعبد الله بها، وعلى ذلك رباها نبيها -عليه الصلاة والسلام-، وهتف قادتها عبر الـتاريخ: "متى إستعبدتهم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟".

أيها الإخوة: لا شك أن مثل هذه المناسبة يأخذ منها الإنسان الدروس والعبر، فكما أننا تخلصنا من محتل غريب كان يحتل بلدنا، أفسد في الأرض فساداً كبيراً، فإنا مازلنا محتلون من الداخل، احتلتنا الأخلاق الغريبة، والتصرفات الهوجاء، والنفسيات المريضة، والمشروعات الضيقة. احتلتنا النفسيات الحاقدة، والعصبيات النتنة، والنزعات المريضة، والنوايا السيئة.

إن هذا الوطن الذي حرره أجدادنا وبذلوا في سبيله الدماء، ومزقوا لاستقلاله الأشلاء، حري بنا أن نكون أكثر الناس حبا له وانتماء، وغيرة ووفاء.
إن المسلم الحقيقي يكون وفيًّا أعظم ما يكون الوفاء لوطنه، محبًّا أشد ما يكون الحب له، مستعدًا للتضحية دائمًا في سبيله بنفسه ونفيسه، بغاليه ورخيصه، فحبه لوطنه حب طبيعي مفطور عليه، حب أجلّ وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة، وتؤيده السنة.

إن المواطنة الحقة قيم ومبادئ وإحساس، ونصيحة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وعزة وموالاة، وتضحية وإيثار، والتزام أخلاقي، إنها شعور بالشوق إلى الوطن، حتى وإن كان لا يعيش الفرد في مرابعه.

فأين هؤلاء الذين يدّعون حب الوطن وصدعوا رؤوسنا بالوطنية ولا ترى في أعمالهم وسلوكياتهم وكلامهم غير النميمة والتحريض على الوطن والعبث بمقدراته، والعمالة لأعدائه، وتأجيج الفتن والصراعات بين أبنائه، ونشر الرذيلة، ومحاربة الفضيلة؟! أين الوفاء للأرض التي عاشوا فيها وأكلوا من خيراتها، وترعرعوا في رباها، واستظلوا تحت سماها، وكانت أرض الإيمان والتوحيد والعقيدة الصافية؟!.

لمصلحة من هذا التخريب المنتشر هنا وهناك؟ لمصلحة من تعطيل الخدمات؟ وتصفية الحسابات؟ لمصلحة من نشر الإضطرابات؟ لمصلحة من إشعال فتيل النزاعات، والنفخ في الخلافات؟ هل نشكو عدوا خارجيا أدركنا أم أننا نشكو أبناء الوطن وقوما تربوا في هذا البلد وأكلوا من خيراته ونشؤوا على ترابه؟ هل هكذا يكون الجزاء وحب الإنتماء؟ (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة:33].

لمصلحة من هذا العبث والإستهتار؟ لمصلحة من هذا الإهمال الذي فتت ثروات هذا البلد؟
نهْب منظم، عبث منظم بالمياه، سرقة واضحة، بعثرة واضحة للجهود.

حب الوطن لا يكون بمجرد الكلمات والشعارات، بل هو مرتبط بسلوك الفرد المحب ارتباطًا لا انفكاك منه.
حب الوطن يظهر في إحترام أنظمته وقوانينه، وفي التشبث بكل ما يؤدي إلى وحدته وقوته، حب الوطن يظهر في المحافظة على منشآته ومنجزاته، وفي الاهتمام بنظافته وجماله، حب الوطن يظهر في إخلاص أصحاب المناصب والمسؤولين فيما تحت أيديهم من مسؤوليات وأمانات، حب الوطن يظهر في المحافظة على أمواله وثرواته، حب الوطن يظهر في المحافظة على أمنه واستقراره والدفاع عنه، حب الوطن يظهر بنشر القيم والأخلاق الفاضلة ونشر روح التسامح والمحبة والأخوة بين الجميع.

تحيي المملكة الأردنية الهاشمية، في الخامس والعشرين من أيار الحالي، ذكرى إستقلالها، بعزيمة وأمل نحو مستقبل أكثر إشراقاً وإنجازاً للوطن، عاقدين العزم على مواصلة مسيرة العمل والعطاء لمملكتنا العزيزة التي دشنت مئويتها الثانية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني.

وتمثل ذكرى عيد الإستقلال إحدى المحطات المضيئة في تاريخ الأردن الحديث؛ إذ جسدت إنتصارا للشعب والعرش في معركة نضال طويلة، إحقاقا للحرية والكرامة وإسترجاعا للحق المسلوب. رافقها نضال سياسي لنشر الوعي في صفوف الشباب الأردني آنذاك، ومُختلف الفئات المجتمعية، وتوعيتهم بضرورة الدفاع عن إستقلال الأردن بشتى الطرق الشرعية المتاحة.

يوم الإستقلال يوم عظيم يستحق أن يحتفل به أبناء الوطن كافة، ففيه نتذكر الشهداء الأجلاء الذين ضحوا بأنفسهم لكي نحيا حياة كريمة، وفيه نشعر بمشاعر مختلطة من الفرح والفخر والحماس، والرغبة في حماية الوطن والدفاع عنه كما فعل هؤلاء الشجعان، فما أرخص حياة الإنسان إن ناداه بلده الغالي.

الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات العربية الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع