زاد الاردن الاخباري -
نجت مناطق محدودة في العالم من الاستعمار الأوروبي الذي تواصل بين القرنين 16 و20 للسيطرة والهيمنة على القارتين الأمريكيتين وأستراليا وآسيا وإفريقيا، واستغلال ثرواتها في تنافس محموم.
يمكن التفريق بين الاحتلال والاستعمار بالقول إن الاحتلال سيطرة قوة أجنبية على دولة بشكل مؤقت، فيما الاستعمار هو بمثابة احتلال دائم تربط فيه الدولة المستعمرة مناطق وأراضي جديدة بها، وتنقل إليها مقوماتها البشرية والثقافية جاعلة منها صورة طبق الأصل منها، كما فعلت فرنسا في الجزائر أو بريطانيا في أمريكا الشمالية.
السعودية:
من هذا المنطلق بقيت 10 دول فقط قائمة حاليا في منأى عن الاستعمار الأوروبي الذي بلغ ذروته في القرنين التاسع عشر والعشرين، من أبرزها السعودية التي كانت في الغالب تحت سلطة زعماء قبائل محليين إلى أن سيطرت الدولة العثمانية على معظم أراضي شبه الجزيرة العربية وبقيت هناك إلى عام 1918.
في ذلك التاريخ عادت أسرة آل سعود إلى الواجهة، وانخرطت بالتدريج في صراع طويل انتهى بتوحيد أرجاء المنطقة وتأسيس المملكة العربية السعودية.
في هذا المقام يجدر القول إن السعودية الواقعة وسط الجزيرة العربية، منطقة ودولة استثنائية بوجود المناطق الإسلامية المقدسة وخاصة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وما يترتب على ذلك من وزن وتأثير ديني كبير دائم ولا منافس له في العالم الإسلامي، علاوة على الطبيعة الجغرافية الصحراوية المترامية الأطراق والنائية، كل ذلك كان بمثابة حواجز أبعدت عنها المد الاستعماري الأوروبي، فاحتفظت باستقلالها ولم تتعرض لنشاط استعماري مباشر كما حدث في مناطق مجاورة.
إيران:
سعت كل من بريطانيا وروسيا القيصرية إلى السيطرة على أراضي الإمبراطورية الفارسية، وتمددت روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر إلى بعض المناطق الشمالية وخاصة تركمانستان، فيما سيطرت بريطانيا على المنطقة الشرقية من الإمبراطورية الفارسية، بالقرب من باكستان الحالية.
كانت معظم الأراضي الفارسية في ذلك الوقت تحت حكم الدولة القاجارية "1779-1925" التي تورطت في الاقتراض من الدول الأوروبية إلى أن أصبحت عاجزة عن السداد، وانتهى الأمر باتفاق الإمبراطورية البريطانية وروسيا القيصرية على تقاسم الإيرادات الأمر الذي لم تقبل به الإمبراطورية الفارسية، إلا أن البلاد نجحت في البقاء بعيدة عن الاستعمار الرسمي.
اليابان:
استعدت اليابان لمقاومة الاستعمار الأوروبي، وبادرت إلى التمدد إلى تايوان وشبه الجزيرة الكورية وسخالين، ولمقاومة هذا الخطر رفدت تلك الخطوات بإصلاحات "ميجي" في عام 1868 .
هيأت تلك الإصلاحات الاجتماعية والسياسية البلاد لهزيمة قوات سلالة "تشينغ" في الصين خلال الحرب الصينية اليابانية الأولى، وتطور الأمر خلال الحرب العالمية الثانية باجتياح اليابان لكوريا ومنشوريا وتحولها إلى قوة استعمارية.
كوريا:
لم تسقط كوريا تحت الاحتلال الأوروبي، وبدلا عن ذلك وقعت تحت سيطرة قوى آسيوية، وبقيت حتى عام 1895 جزءا من ولاية "تشينغ" في الصين، ثم سيطرت اليابان عليها بعد انتصارها في الحرب الأولى مع الصين، وفي عام 1910، أصبحت كوريا مستعمرة يابانية رسمية، ما جعلها بعيدة عن الاستعمار الأوروبي.
تايلاند:
كانت تايلاند تعرف في القرن التاسع عشر باسم مملكة سيام، وكانت منطقة عازلة بين الهند الصينية والتي تضم فيتنام الحالية ولاوس وكمبوديا الواقعة تحت الاستعمار الفرنسي وبورما أو ميانمار التي تحكمها بريطانيا في ذلك الوقت.
سعى ملك سيام "شولالونغكورن" إلى محاكاة الأوروبيين في العديد من المجالات واهتم بالتقدم التقني الأوروبي، وبذل جهودا دبلوماسية باللعب على المنافسة البريطانية الفرنسية ما مكنه من الاحتفاظ بمعظم أراضي مملكته خارج السيطرة الأوروبية.
الصين:
أثناء حقبة التمدد الأوروبي للسيطرة على العالم، كانت الإمبراطورية الصينية قوة كبيرة معتبرة، وكانت تقارن أحيانا بالإمبراطورية العثمانية.
مساحاتها الشاسعة وثقلها في ذلك الوقت جعلها بعيدة عن الاستعمار الأوروبي، إلا أن بريطانيا وفرنسا نجحتا في فرض إرادتهما على الصين في مجال الواردات والصادرات.
تزايدت أهمية الصين خلال حربي الأفيون الأولى والثانية من عام 1839 إلى 1842 ومن عام 1856 إلى عام 1860. لاحقا انضمت قوى أوروبية غربية أخرى وتقاسمت مناطق الصين الساحلية، وبالمحصلة فقدت أسرة "تشينغ" بعض سيطرتها على مناطق ساحلية محدودة.
أفغانستان:
تعرضت أفغانستان إلى غزوين بريطانيين، الأول بدأ في عام 1839، وتصدت القوات الأفغانية لغزو ثان استمر من عام 1878 حتى عام 1880، وبعد مفاوضات تمكنت أفغانستان من الاحتفاظ بحق إدارة شؤونها الداخلية فيما تولت بريطانيا الشؤون الخارجية.
نيبال:
في أعقاب الحرب البريطانية النيبالية بين عامي 1814 – 1816، تمكنت قوات "شركة الهند الشرقية البريطانية" من السيطرة على 30% من أراضي نيبال، إلا أن تضاريس هذه البلاد شديدة الوعورة أوقفت الزحف البريطاني وانتهى الأمر بجلاء البريطانيين عن نيبال.
بوتان:
بوتان مثل نيبال تقع في جبال الهيمالايا، ما جعل من الصعب غزوها. وكما حدث في نيبال، سيطر الجيش البريطاني بعد مقاومة عنيفة بين عامي 1772 -1774، على بعض محدودة في مملكة بوتان. بعد ذلك ساوم البريطانيون على تلك الأراضي التي سيطروا عليها، ومنحتهم بوتان امتيازات اقتصادية مقابل انسحابهم من أراضيها.
إثيوبيا:
حين تكالبت القوى الأوروبية الاستعمارية بين عامي 1880 - 1914، على السيطرة على أرجاء القارة الإفريقية، تمكنت إثيوبيا من الحفاظ على استقلالها.
بنهاية فترة امتداد الاستعمار الأوروبي إلى القارة، كان ما يقرب من 90 ٪ من إفريقيا تحت استعمار مختلف الدول الأوروبية.
في محاولة دبلوماسية لاتقاء شر البريطانيين، بعث ملك إثيوبيا "تيودروس" في عام 1867 رسالة إلى الملكة البريطانية فيكتوريا، لكنها تجاهلتها ولم ترد بتاتا.
الملك تيودروس قام في عام في 1868، بسجن العديد من الرعايا البريطانيين، ورفض إطلاق سراحهم، وردت لندن بمحاولة غزو فاشلة للإطاحة بالملك.
في عام 1888، طرقت القوات الإيطالية أبواب إثيوبيا، إلا أن مفاوضات جرت بين الطرفين أفضت إلى سيطرتهم فقط على إريتريا، ولاحقا نجحت إثيوبيا في إلحاق هزيمة كبرى بالجيش الإيطالي في حرب أولى بين الطرفين عام 1896.
إيطاليا تحت حكم موسوليني الفاشي عادت من جديد في عام 1935 إلى غزو إثيوبيا، وتمكنت هذه المرة من الإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي واحتلال البلاد، إلا ان الأمر لم يدم طويلا، وتمكن الإمبراطور في عام 1941 من استعادة السيطرة على كامل أراضي بلاده وقام أيضا بضم مستعمر إريتريا إليها في عام 1943.