الأردن كيان باقٍ رغم الرياح والأعاصير والأمواج العاتية التي أخذت تلوح في أفق الأحداث نحو إثارة الإشاعة لمجتمع خصب في تلقفها ليُطيِّرَ بالونات الاختبار التي تطلقها الماكينة الإعلامية الإسرائيلية لكي تُحرف بوصلة الجهد الدولي المتعب والمترهل أصلاً من الاستيطان وسياسات التهجير ألقسري والسعي الدائم للهيمنة على كل المقدرات وتحقيق الحلم بإسرائيل الكبرى .!!
من هنا يجب على السياسيين الأردنيين وأصحاب القرار أن يعوا خطورة المرحلة القادمة بتكاتف الجهود بجميع العناوين والمضامين نحو بناء سد من الوحدة الوطنية للوقوف في وجه الإعصار القادم نحو التمادي والتهجير والتوطين والتجنيس لخدمة المشروع السياسي الإسرائيلي ومشاريعه التوسعية الذي ينظر إلى الأردن كموطئ قدم لصالح جملة من الأوهام الإسرائيلية التاريخية التي لا يمكن أن تتحقق بحكم منطق التاريخ , هذا الحديث نسوقه بعد أن سمعنا أصواتاً إسرائيلية قميئة تؤكد وعبر أكثر الوسائل انتشاراً أن الوطن البديل ضرورة تحتمها الظروف , في الوقت الذي سمعنا فيه أيضاً ولأكثر من مرة وعلى ألسنة العملاء المأجورين دعوات عديدة للوحدة بين الأردن وفلسطين تكون على مقاسات وادي عربه وأسلو بحيث تنتقل عصابات فتح إلى الأردن ويهاجر الفلسطينيون إليه وتعلن دولة الكوكتيل بمواصفات ومقاييس إسرائيليه لن تسمح من خلالها بإقامة أي قوة متجانسة على حدودها لتكتمل شروط الحرب الأهلية تنتهي باجتياح إسرائيلي للأردن بحكم نظرية الأمن الشهيرة وفرض إسرائيل الكبرى بالغطرسة , بعد أن بقيت العلاقة التي تربط بين هذين الجزئين من الكيان الواحد عرضة للتناقض والاضطراب وعلى مدار عدة عقود بفعل مشروعين سياسيين لا ينظران إلى هذين الجزئين إلا من زاوية التسابق لخدمة المشروع الصهيوني وإخضاعهما لإرادته عبر سلسلة صراعات وإجراءات تتوجت شوكاً بأوسلو ووادي عربه .!!
فالوحدة الوطنية بين الأردنيون والفلسطينيون المتواجدون على الأرض الأردنية نحن أول من يقبل بها بل وينادي بتحقيقها ولكن على أساس وحدة النضال والعداء التام للمشروع الصهيوني وعملائه بحيث تكون وحدة مقاتلين لا وحدة مستسلمين وبغير الاتفاق التام على عداء المشروع الصهيوني والوطن البديل وأجندة فتح فلا مكان على أرض الأردن لأي كان يعترف بالكيان الصهيوني ويدعو للتطبيع معه على حساب الأردن . . الأرض , والإنسان , والهوية .!!
كما أن الوحدة الوطنية التي نفهمها ونطالب بها يجب أن تكون بين مجتمع مضيف ومجتمع لجأ بحكم الاحتلال لينذر نفسه مقاومة هذا الاحتلال وتحرير الأرض والإنسان من هذا الطغيان والعودة إلى أرضه وعلى أساس احترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية والسياسية لكلا المجتمعين وإلا فالوحدة الوطنية بغير ذلك ستكون دعوة لإقامة وطن بديل في الأردن ..!!
وبالتالي فلا بد وأن يكون الحديث عن الوحدة الوطنية حديثاً عن وحدة نضالية في وجه المشروع الصهيوني يقود حواراتها مجموعة من المناضلين الأردنيين المعروفين بمواقفهم المعادية لوادي عربة ومناضلين فلسطينيين من الخندق المناوئ لأوسلو لتأكيد النضال حتى قيام الدولة الفلسطينية بمواصفات عربيه متحررة تماماً من أوسلو ومع أردن عربي متحرر من وادي عربه .. أما أن يتصدر الحديث عميل هنا أو سمسار هناك فان الأمر سيؤدي إلى مزيد من المهاترات التي ستهيئ الظروف أمام أي خطوة إسرائيلية قادمة ستجلب الخراب والدمار للجميع .!!!