"معجوق" .. أي والله معجوق.. من كثرة الأشياء التي يجب أن أكتب عنها وتراكمت في حياتي الجامعية..
هل أحدثكم عن الزحام أمام "مختبرات الاستيودنت" حيث قدّمت جميع امتحاناتي هناك.. وعن وقوفي بالزحمة لألتحق بموعد جلستي المقرّرة.. وأنا في وسط الزحمة كل الذين واللواتي حولي عصافير وأنا بينهم "ديناصور".. (كلّهم / هنّ) يلبسون أجمل ملابس أيّامهم؛ رأيت شابًا يلبس (شورت فوق الركبة.. وبصدق استفزني المنظر).. وأنا القادم إليهم من أدغال التجارب ألبس أنفاقي وجسوري وطرقي البديلة.. (كلّهم/ هن) رائحة عطورهم "تفحفح" وتتداخل بكل أنواعها و"تلخم خشومي"؛ وأنا رائحة تعبي وشوارعي وزقاقي وعقلي المسكون باللاهدوء لا "تفحفح" إلّا عليّ فقط..! في الزحمة أمام بوابة الامتحانات أعترف لكم أنني كنتُ "أستحي".. وأشعر بالغربة.. وتنتابني مشاعر لا أستطيع وصفها؛ فأنا لحظتها مثل عجوز يلعب "الزقيطة" أو "الاستغماية" مع أطفال الحارة..!
أمام مكان الامتحانات ترى الجميع اثنين مع بعضهما .. أو ثلاثة .. أو أربعة أو أو.. يضحكون.. يملأون الانتظار بلغة عصرهم وثرثراتهم التي لا تتناسب مع ثرثرتي؛ وأنا وحدي؛ واقف أعجّ على سجائري الرديئة دون رفيق أكلّمه أو دفءٍ داخلي يتسرّب إليّ..!
كلّ الامتحانات عدّت على خير.. وآخر امتحان اليوم ولا أعتقد بأنه ستواجهني فيها صعوبة .. سأتوقّف عند مادّة "الثقافة الوطنية" وليس امتحانها.. بل سأتوقف عند مدرّسة المادة د. رائدة الشحادة التي رفضت أن أذكر اسمها من بداية اليوميات وسمحت لي أن أذكرها بعد انتهاء الفاينل.. وها قد انتهى.
د. الشحادة هي أوّل من أعطتني محاضرة جامعيّة.. أون لاين.. هي أوّل صوت يأتي إليّ ليفتتح حياتي الجامعيّة.. كنتُ في المحاضرة الأولى لا أعرف كيف أتصرّف أو كيف أشارك..؟ وحين عرفت من أنا فتحت لي كلّ بوابات النقاش والتعليق.. وكم كنتُ أشعر بخجل حين كانت تناديني "أستاذ كامل" أمام الطلاب..! وبصدق الطالب أنها كانت تجتهد في تدريس مادتها ولا تترك أحدا لديه سؤال أو استفسار.. وبرنامج "التميز" الجامعي يشهد على إرسالي لها بكلّ الأوقات ولم تهمل أية رسالة وكذا مع بقية الطلاب..!
في المرّة القادمة سأحدّثكم عن د. هاني أيوب وحكايتي معه والذي سمح لي هو الآخر آخيرًا بذكره في يومياتي.. انتظروني.