زاد الاردن الاخباري -
الكاتب : محمد خليل الشريف - مما لا شك فيه بأننا لو عدنا وتصفحنا التاريخ البشري سنجد أن أمتنا العربية الأكثر نكبات ونكسات وجراح بين الأمم ، والمتعارف عليه أن الجراح تشفى بعد علاجها وطرق العلاج كثيرة وبعض الجراح تشفى ولا يبقى لها أثر على الجسم وبعضها يشفى ولكنه يترك أثرا ظاهرا للذكرى إلا أن بعض الجراح يكون عميقا وغائرا في الجسم ويتسبب في تمزق وإتلاف بعض الأوعية والأنسجة فلا يشفى ولا يلتئم إلا بعملية جراحية يقوم بها طبيب صاحب إختصاص وماهر على أن يكون هذا الطبيب قد حصل على شهادة الطب بجدارة ومن جامعة معترف بها وليس بالغش والتزوير .
لاشك بأن حرب الخامس من حزيران سنة ١٩٦٧ والتي سميت بحرب حزيران وحرب الأيام الستة والتي أطلق عليها خجلا بنكسة ٦٧ بدلا من تسميتها باسمها الحقيقي بالهزيمة وكانت بمثابة الجرح الغائر والدامي في جسم الأمة العربية إذ انه أصاب مكان جرح ١٩٤٨ والذي لم يكن قد إلتأم وشفي واصاب أيضا ماحوله ، وسيبقى هذا الجرح وصمة عار للأمة العربية حتى يتم غسل هذا العار بشفاء الجرح وزوال أثره ولا يتم ذلك إلا بزوال من سبب هذا الجرح والمعني هنا الكيان الإسرائيلي المحتل والدخيل على أمتنا العربيه .
ولكن ماحدث بعد النكسة من جراح كانت أشد ألما وأكثر عمقا بسبب مااتخذته الأنظمة العربية من وسائل للعلاج وتضميد الجراح بتوجههم للمفاوضات من أجل الشفاء أو من أجل مايسمى بالسلام بداية من مؤتمر مدريد مرورا بكامب ديفيد ١٩٧٨ وأوسلو ١٩٩٣ ثم وادي عربه ١٩٩٤ وبهذا وقعوا في الفخ الصهيوني الذي نصبه كيسنجر الداهية وزير خارجية امريكا وحسب طلب الكيان الإسرائيلي لتكون المفاوضات أحادية بين الكيان الإسرائيلي وكل دولة عربية منفردة وبرعاية أمريكية ( صهيونية بامتياز ) فكانت المفاوضات المصرية الإسرائيلية الأمريكية والتي تمخضت عن اتفاق كامب ديفيد ثم المفاوضات الفلسطينية ممثلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينيه التي اصبحت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بعد أن منحها مؤتمر القمة العربية المنعقد في العاصمة المغربية الرباط تشرين الأول/اكتوبر ١٩٧٤ هذا الحق وقد كان هذا القرار خطأ تاريخي بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ارتكبته الأنظمة العربية لتلقي عن كاهلها ثقل القضية الفلسطينية وكان أن تمخضت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الأمريكية عن اتفاق أوسلو والذي كان متمم لوعد بلفور ، ثم كان بعده اتفاق وادي عربه نتيجة المفاوضات الأردنية الإسرائيلية الأمريكيه ،
ومن أهم ماتمخضت عنه هذه الأتفاقيات هو الأعتراف العربي بالكيان الصهيوني المحتل بما فيه منظمة التحرير الفلسطينيه الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني على نسبة ٧٨% من أراضي فلسطين التاريخية وما تبقى بنسبة ٢٢% تم تسلمها لسلطة العار وما اطلق عليها السلطة الوطنية الفلسطينية وهي المولود الغير شرعي لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد ان ادخلوها غرفة الإنعاش لتنفرد السلطة الفلسطينية وهي البريئة من مسماها حيث اصبحت الذراع الذي يضرب به الكيان الإسرائيلي المقاومة الفلسطينية الشريفة على ارض الضفة الغربية والتي اصبحت مساحتها لا تتجاوز ١٨% من مساحة فلسطين نتيجة التوسع الصهيوني في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي من اهلها وهي مايطلق عليها دولة فلسطين ، ولم تنصف هذه الإتفاقيات أي من الأطراف العربية ولم تعطيها كامل حقوقها وكأنها كانت فرض مطالب المنتصر على المهزوم ، وقلنا في البداية أن العلاج يحتاج الى أطباء مهرة وأصحاب خبرة في الجروح ومضاعفاتها ومسبباتها ولكن من يقرأ بنود الأتفاقيات وملحقاتها يدرك ان المفاوض العربي لم يكن بحنكة ودهاء المفاوض الإسرائيلي اليهودي وربما لم يقرأ في القرآن الكريم بأن اليهود فاوضوا الله جل في علاه على بقرة عن طريق سيدنا موسى عليه السلام وهو المبعوث رسولا لهم .
ثم تسابق زعماء الدول العربيه للنوم في الحضن الأمريكي والخضوع للأملاءات الصهيونيه وخاصة في عهد ترامب الصهيوني سيد البيت الأبيض الذي فرض سيادته أيضا على كل الأنظمة العربية التي تدور في الفلك الأمريكي ليفرض عليها التطبيع مع الكيان الإسرائيلي فانصاع الى الأمر دولة الإمارات العربية وتبعتها البحرين ثم السودان والمغرب واما ماتبقى من دول المحور الأمريكي فالتطبيع قادم ولو بعد حين ولكل نظام اسبابه الخاصة في التأخر عن سرب التطبيع ، حتى انه لم يعد يخلو أي بلد عربي من الرائحة الصهيونيه التي تزكم انوف الشعوب العربيه رغم ارادتها ، فالتطبيع واتفاقيات السلام هي مع الحكومات والأنظمة ولكنها ليست سارية المفعول على الشعوب التي مازالت وستبقى وفية لعروبتها ودينها ورافضه لهذه المعضلة من سلام أو تطبيع وما زالت على عدائها للكيان الأسرائيلي المحتل ورفضها لوجوده على ارض فلسطين العربية التاريخية وعاصمتها القدس الشريف وعلى وعدها وعهدها بتطوير المسجد الأقصى المبارك ، وما زلنا كباقي الشعوب العربية ننتظر السبع السمان وماهي ببعيدة أن شاء الله