كتب ماجد القرعان - دفع الاردن ثمنا باهضا ” سياسيا واقتصاديا ” جراء قصور الاعلام الرسمي من جهة في التعامل مع مختلف الأحداث والقضايا ذات الصلة في الشأن الاردني العام ونهج تعامل الاعلام الخاص الذي تحكمه أجندات القائمين عليها وأغلبها لا تلتزم بثوابت الدولة .
اسوق هذه المقدمة بمناسبة اعلان المجلس الاقتصادي والاجتماعي بأنه سيبدأ بإجراء حوار وطني موسع مع جميع المؤسسات والجهات الإعلامية الأردنية، لمناقشة السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي والذي يأتي في اعقاب اعداد وزارة الإتصال الحكومي مسودة السياسة العامة للاعلام والاتصال الحكومي .
عالميا اصبح الإعلام اليوم من أهم الوسائل المستخدمة للتخاطب مع الأفراد والحكومات وكافة طبقات المجتمع على حد سواء لتغيير الإتجاهات وفرض الواقع المستهدف وبات في المحصلة يُعبر عن ضعف الأمة أو قوتها ولنا في ذلك أمثلة كثيرة ” الولايات المتحدة واسرائيل ” وغيرها حيث لعب الاعلام دورا اساسيا أهم بكثير من استخدام الأسلحة الفتاكة .
المتتبع لدور الاعلام في العديد من الدول يجد ان دورها لا ينفصل عن المسؤوليات الأمنية ومصالحها لكننا في الأردن نفتقد لمثل ذلك بسبب عدم اتباع استراتيجية وطنية ملزمة تضع المصالح العليا للدولة في صدارة اهتماماتها ولا يعني ذلك ان تكون اداة في تصرف وتوجيه السلطات الرسمية والتي من واجب الاعلام ان يكون العين الصادقة والمراقبة لأدائها مبرزا الانجازات ومؤشرا على مواطن الخلل والتجاوزات وموجها الرأي العام في كل ما يخدم الدولة .
الخطورة لا تكمن في ضعف الإعلام الرسمي بل ايضا في بُعد الحكومات وتجاهلها لدور وأهمية وسائل الإعلام الخاص والمفترض ان تجمعهم المصالح العليا للدولة وبالتالي نرى ان كل يغني على ليلاه .
وللخروج من هذا الواقع الذي أسهم في ضعضعة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة على اختلافها وانعكس سلبيا في احيان كثيرة على علاقاتنا بالعديد من الدول الصديقة والشقيقة وخاصة في الجانب الأقتصادي فلا بد من اعادة ترتيب الأوراق ليصبح الاعلام الاردني ” الرسمي والخاص ” بخندق واحد في خدمة الدولة الاردنية .
وهنا لا بد من التنويه بشأن الدول الملتزم اعلامها الخاص على وجه التحديد بثوابتها الوطنية فسببه الأساس نهج تلك الدول الذي ينطلق من استراتيجية اعلامية وطنية ” مقوننة ” تضع مصالحها في اعلى الاعتبارات .
مخرجنا في الاردن يبدأ أولا بتحرر الإعلام الرسمي ليصبح اعلام دولة وليس اعلام حكومات وثانيا بتشكيل مجلس اعلى للاعلام يضم مختصين من اصحاب الخبرات ليبدأوا في اعداد استراتيجية وطنية تركز على المصالح العليا للدولة الاردنية والتي ركيزتها ثوابتنا الوطنية .
متى اعترف القائمون على هذا الملف بفشل الحكومات المتعاقبة في ادارة ملف الإعلام الرسمي وتجويد دور الإعلام الوطني في خدمة الدولة نكون قد وضعنا اقدامنا على بداية سلم النهوض بهذا القطاع ليكون رديفا فاعلا الى جانب كافة مؤسسات الدولة … والله من وراء القصد .