لم تطل غيبة السفير الاسرائيلي عن عمان ، بعد أن غادرها فارا من مواجهة مظاهرة امام سفارته ، معتقدا أن ذلك اليوم سيكون بالنسبة له ولسفارته كيوم القيامة ، وفي اليوم التالي عاد سعادته الى سفارته في خطوة استفزازية بعد أن فوجئ بمستوى التظاهر المحتشم الخجول . فالمعذرة سعادة السفير فلن يزعجك مرة اخرى هؤلاء الذين يدعون للمليونية وهم لا يساوون العشرات .
مظاهرة جدا محتشمة لطرد السفير الاسرائيلي في عمان ، كما كانت المظاهرة التي سبقتها امام السفارة الامريكية ، للاحتجاج على سياسة تدخلها بالشأن الأردني من خلال مسؤولينا المتبرعين بأن يكونوا قناة لهم في بلدنا ، بعكس المظاهرة التي خرجت امام السفارة السورية لطرد السفير العربي السوري ، حيث قدرت الاعداد المطالبة بطرده بما يقرب من سبعة آلاف متظاهر ، بينما الاعداد في المظاهرتين امام السفارتين الامريكية والاسرائيلية لم تتجاوز نصف الألف .
إن دل ذلك على شيئ ، فانما يدل على أن المعارضة الأردنية لا تعرف ماذا تريد ، وتنسيقيتها لا تنسيق لديها ، وكل حزب معارض له اجندته الخاصة ، وقد نجحت الحكومة بشق الصف المعارض ، بحيث اصبحت الاحزاب المعارضة مجرد معارضة حسب رؤيتها وما يتفق مع اجندتها ، وهذا ما بات المواطن الأردني مقتنعا به ، ولهذا نجد أن الحراك المطالب بالاصلاح قد اصبح فاترا وخجولا .
سوف لن تنجح الاحزاب المعارضة في حشد اجندة وطنية ورؤية سياسية أردنية صافية ونقية 100% ، وبالتالي سوف لن تنجح في حشد الجماهير وراء مطالبها ، بعكس الحكومة التي استطاعت أن تلعب اللعبة بكل امتياز ، ونجحت في ذلك من خلال تقسيم الأردنيين الى شرق وغرب .
الحراك الشعبي والحزبي الضحل امام السفارتين الامريكية والاسرائيلية ، لم يكن على مستوى التوقعات ، وهو ما جعل السفير الاسرائيلي يعود الى عمان في اليوم التالي من فراره منها ، ويصرح بتصريحات استفزازية ، والمطلوب من اصحاب الاحزاب كبيرهم وصغيرهم من حيث القياس والحجم ودعاة الاصلاح ، أن يكونوا على قدر من المسؤولية الوطنية ، وأن يكونوا واثقين من أن حراكهم سيأتي بنصف الأكل على الاقل ، وغير ذلك فلتصمت ، وكفى اثارة الزوبعة بالفنجان ، واغلاق الشوارع ، واجهاد الناس ورجال الامن وتوتيرهم بحراكات لا طائل منها ..