مقاومة أوكرانيا للغزو الروسي قضت على فكرة روسيا التي لا تقهر، وغدا الجميع يدركون أنها ليست تلك الإمبراطورية التي لا تهزم، كما كانت تروج لنفسها داخليا وخارجيا.
كما تصر روسيا على الإدعاء بأن أوكرانيا ملكها، ثمة دول أخرى تتطلع للإستحواذ على أجزاء من الأراضي الروسية، وتتحين الفرصة التي ينفضح فيها مدى ضعف الجيش الروسي، كما أن هناك أمما أخرى داخل روسيا نفسها تنتظر فرصتها للإنفصال.
لذلك ينبغي للكرملين أن يحذر من الترويج لعالم يكون فيه الإستيلاء على الأراضي بالقوة مقبولا، لأنه بذلك يدعو الآخرين للإنضمام والمطالبة بأجزاء من روسيا لأنفسهم.
ولفتت إلى أن اليابان كانت أول دولة تخرج عن صمتها بعد الغزو الشامل لأوكرانيا، إذ قالت طوكيو عن جزر الكوريل إنه "من غير المقبول تماما أن الأراضي الشمالية لم تُسترد بعد منذ إحتلالها غير القانوني من قبل الإتحاد السوفياتي قبل 77 عاما".
ثم بدأت الصين في رسم خرائط تشير إلى أن جزءا من سيبيريا، ومنطقة الشرق الأقصى الروسية، صينية الأصل، ضمت روسيا مساحات كبيرة منها في القرن التاسع عشر .
وهنالك روايات في بولندا تشير إلى أن روسيا إحتلت منطقة كلينينغراد عام 1945، وأن وارسو لها الحق في المطالبة بها. ويمكن لتركيا وأذربيجان وكازاخستان وحتى أوكرانيا أن تكون لها مصالح في التنافس على الأراضي الروسية.
إن تسلل المقاتلين الروس إلى منطقة بيلغورود تحت العلم الأوكراني كان بمثابة تذكير لبوتين بأنه يمكن للآخرين أيضا إستعادة "أراضيهم الأصلية" حيث تهدف أوكرانيا إلى إستعادة حدودها عام 1991 وإنهاء الحرب.
من المؤكد بأن بوتين لن يتنازل عن شبر واحد من الأرض مجانا. ومع ذلك، سيكون من الحكمة أن تحمي موسكو ظهرها. فقد ينتهي الأمر بأن تجني ما زرعته، مذكرا بأن الأراضي الروسية تبدو مغرية جدا لجيرانها ومواطنيها المضطهدين.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي