الشـباب إلى أين؟ * بقلم : منال القطاونـه
الشــباب في معادلـة التاريـخ هم أداة التغيير ومحركها سلباً أو إيجاباً.
فالصورة التي انطبعت في ذهنـي الآن جعلتني أشـفق على حال الشباب في هذه المرحلة التي نعيشـها.... فهم في حيرة في فهم ما يجري بدقـة .... في الوقت الذي يتطلعون فيه إلى إصلاحـات وطنيـة شاملة والتحرك بوعي وثبات .
لم يكن للشـباب التركيز على تصرفاتهم أو الاختيار المناسب في الكيفية للتفاعل مع الحدث بِرُمَتـه! الآن الشــباب فرصهم كثيرة وكبيرة ويلعبون أدوار بطولة فاعلة في المشاركة الجادة نحو الإصلاح والتغيير الايجابي المرتقب وتقديم الأفضل لوطنهم الذي أحبّوه وأحبهم .
ولكن يجب إعادة النظـر بكل ما يقُدم لشـريحة الشباب ,هذه الشريحة التي لا تزال البعض منها يعيش في ضياع وضجيـج وغفلة وارتباك وإحباط وعزوف عن كل ما هو نافع ومفيد...وتتلاقفها الاتجاهات والميول من كل جانب ويلهث الجميع لجذب هذه الشـريحة وتوجيهها وربما صناعتها صناعة جديدة وإرغامهم او ترغيبهم للهتف والمناداة بشــعارات لا يؤمنون بها .
إذ أن الشباب هم الفئة الأكثر حماساً وتوقداً، فإن البرامج الهادفة التي يجب أن توجه إليهم لا نريد أن تكون تلقينية أو شـكلية أو مكررة أو رتيبة بل يجب أن تكون برامج عميقـة ومدروسة أكثر تعُـزز الانتماء لوطنهم وهويتهم وماضيهم وتراثهم .... وفي المقابل فإن هنالك من يتوجه إليهم من منطلقات تنمويـة وطنية صادقة وخالصـة تستند إلى أنه بدون مشـاركة الشباب، وبدون بناء الشباب لن يتم إيجاد تنمية حقيقية في وطنا....لابد أن يأخذ الشباب دورهم وفرصتهم بالفعل لا بالإســم وبالعمل الحقيـقي.
الشـــباب لا يزالون يحتاجون إلى إطارات وجهة رسمية متخصصة موحدة راعية لهم ... تنُظم انخراطهم في خدمة المجتمع وتترجم همومهم إلى أعمال... والتعاطي مع التحديات التي تواجههم وعدم تبديد طاقاتهم أوتحييدها أو تهشـيمها .
من هنا نحتاج إلى " وزارات ومؤسسات متخصصة " تتبدل فيها القيادات بحسـب الأداء ... وبحسـب المتطلبـات وبحسب " زخم المرحلة" . فالمؤسسات لا تموت وهي قابلة للإصلاح وخاصة حينما تضخ فيها دماء جـديدة .
. بالطبع أن الشباب قادرون على إنشاء وتطوير هذه المؤسسات وبكل عنفوان وجدية فقد تسلحوا بالعلم والمعرفة والثقافة التي تخاطب العالم.
ولا سيما أن الحراك ما يزال يمتلك فرصة تاريخية لا يجب التفريط بها في هذه اللحظة من حياة الشـباب .
ومن هنا لا بد من خلق نشـاطات هادفة ذات فائدة تجمع الشـباب على التلاقي والحوار ...وتقبل الآخر وطرح الأفكار بحريـة وتوظيف هذه الأفكار. ووضع برامج وطنيـة لتفعيل حناجر الشــباب الرافضة لمشروع الفساد وأوكاره وايضا تطوير سلوكهم السـياسي ودفعهم إلى الشارع بوعي جديد بعيداً عن العنف والتقلـيد ... وجعل حراكهم الشـــبابي الزاخر بالمطالب ناضجاً وواضح المعالم ينتقل بالشارع من الحالة الشعاراتية إلى الحالة التنفيذيــة.
ما يستدعي الآن أن نعيد ونّجدد ونهّيكل ترتيب مجتمعنا وحياتنا وقوانيننا وأمورنا وفق واقعهم وحجم قوتهم ومدى تأثرهم بما يجري من حولنا في العالم. ، ومن ثم لابد من مشاركة الشباب وسماع رأيهم في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعيــة.
لذا نتساءل أين الإستراتيجية الوطنية الشاملة الواضحة الخاصة بالشأن الشبابي ،؟!! أين المشروع الوطني للشباب؟
وختامــاً : لا بد من وجود مرجعيـة موحدة للعمل الشـبابي ضمن مؤسسة شبابية رسـمية متخصصة واحدة راعيـة تحتضن " كل أعمار الشــباب " لتكون الحاضنــة الأساس لكل ما يجول في خاطر الشــاب الأردني من هموم وتطلعات... . وتوجيهه توجيهاً إبداعياً ووطنياً ... لان ما يقدم من برامج شبابية وما ينفذ من أنشطة دون مســـتوى الطمــوح.
بوجود مظلـة موحدة تجمع كافة الجهات العاملة والمتعاطية مع الشأن الشــبابي في المجتمع حفظا للجهـود المبذولة لخدمة هذه الشــريحة المتوقدة وحتى لا يضيع الوقت والمال سُدى وتستمر الجهات تعمل كالجزر المتفرقـة دون تنسيق مشترك فيما بينها، مما يضع الشاب في حالة ارتباك وعدم القدرة على الاختيار أو إحجام عن المشاركة.
يريد الشــباب من المجتمع أن يعترف بخصوصية سنهم ويوفر لهم إمكانيات التعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم دون خوف أو خنوع... وخاصة في ظل الجهود المبذولة في مجال" مكافحة الفســاد: بمختلف أنواعه الذي يؤثر سلباً على مستقبلهم ويعيق المنافســة العادلة الــشريفة.
ان المرحلة الجديدة التي نعيشها تتطلب مظلة شــبابية واحدة تصهر وتوحد وتنسـق العمل الشبابي بصورة فاعلة وراقية للارتقاء بالوطن ومصالحه وتقديم الغالي والنفيس من اجله .
في كل لقاء وفي كل مناسبـة يحتل الشـباب حيزاً كبيراً في فكر القـائد... ويحمل همومهـم ... ويحَـُس بمعاناتهـم ... ويجود عليهم بسـخاء هاشــمي قَل نظـيره...وما زال النهج الملكي الدؤوب يتواصل في رعاية الـشباب والتُوجه من خـلالهم نحو التـحديث والتجديد والتغيير .
منال القطاونــه
manal_qatawneh@yahoo.com