ما يحدث في الأردن من إصلاح اقتصادي أو سياسي وهم وحلم بعيد المنال ، ومكانه الورق ليس أكثر ، وتمضى السنين وكل شيء على حاله والفساد والترهل في ازدياد ، والأردن يغرق في مستنقع المحسوبيات وفوضى إدارة المال العام ، والإدارة الحكومية الضعيفة والمتخبطة عموماً .
مازالت تنتهج حكومة البخيت النهج نفسه من خلال اغتيال الشخصيات الوطنية ، وفي هذه المرة من محافظ البنك المركزي فارس شرف ، الذي أقيل بطريقة لا تليق بشخص في مكانة وسمعة المحافظ ، ولا حتى باسم والده من قبله طالما أن الحكومات الأردنية تمجد الآباء وتؤسس للوارثة في المناصب الحكومية ، فما بالك برئيس وزراء الأردن في السبعينات .
استقالة والدة المحافظ " العين ليلى شرف " في اعتقادي لشعورها بظلم وقع على ابنها لأنه لم يخطىء ولم يغرق في الفردية على حد تعتبر البخيت، واعتقد أن مكانة العين شرف السياسية والعائلية تمنعها من اتخاذ هكذا قرار لو أنها شعرت بأن المحافظ غير مصيب أو أنه سبب مشكلة أو خطأ كلف الحكومة خسارة مالية أو مهنية .
الإجراء الذي استخدمته الحكومة بوضع رجال آمن على باب البنك المركزي غير مقبول ، والأصل أن تقوم الحكومة بترتيب أوراق الاستقالة والتفاوض مع المحافظ والخروج بصيغة توافقية طالما بالنهاية أنه موظف حكومي ، لكونه أفضل من نشر الغسيل الحكومي بهذه الطريقة .
خصم البخيت في هذه المرة ليس من " رجال السلط " الذين حاول أن يدخلهم في قضايا فساد لتصفية الحسابات الشخصية معهم أو مع أقربائهم ، ولكن اعتقد أن مكانة شرف العائلية وقربه من العائلة المالكة سوف تكون الضربة القاضية لحكومة البخيت ، والتي سوف تضع حداً للغطرسة الحكومية والتخبط الحكومي .
النهج الحكومي المتبع في جميع الحكومات السابقة هو استخدام مبدأ الإقالة وليس الاستقالة للمناصب العليا في الدولة وهذا معروف وليس سراً ، وقلما تجد مسئولاً يضحي بالمنصب العام في سبيل نصرة قضية وطنية ، ولكن معظم من يستقيل إما بدافع الترشح للانتخابات ، أو الوعود بمنصب آخر أكثر جدوى ومنفعة .
المطبخ الاقتصادي الحكومي مازال يحترق ، بسبب عدم وجود مرجعية اقتصادية في الحكومة قد تكون عامل توازن واستقرار في السياسة الاقتصادية . واعتقد أن استقالة أحد أذرع السياسة الاقتصادية في الحكومة يعني وجود ترتيبات معينة سوف تتضح في المرحلة القادمة ، فكما نعلم بأن المحافظ المقال كان له دور في تحويل منحة السعودية إلى الموازنة العامة وهو مالم يرق لبعض المرجعيات العليا ، وفي قضية غسيل الأموال " سميك " أيضاً .
اعتقد أن قرار الإقالة خاصة لبعض المناصب الاقتصادية الحساسة يجب أن يكون على غرار رئيس ديوان المحاسبة ، فلا يكون ملكاً لرئيس الوزراء وحده ، وإنما بالتنسيق مع مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب ، حتى لو اضطر الأمر لإجراء تعديلات دستورية مسموح بها في هذا الوقت طالما نحن نريد الإصلاح والتقدم .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com