زاد الاردن الاخباري -
بعد موجة الانتقادات التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين بصورة دراماتيكية بمجرد إعلان عرض "أكبر كرسي صنعته أياد أردنية على مستوى المنطقة" وجد مطلقو هذه المبادرة أنفسهم محاصرين بمئات التعليقات الساخرة من هذا "الإنجاز الأردني" ومدى الفائدة منه.
وبدأ الأمر بدعوى أطلقتها غرفة صناعة عمان للصحفيين لحضور مناسبة عرض "أكبر كرسي" صنعه الأردن على مستوى المنطقة، لكن الأمر أخذ منحنى أكثر جدية حينما تم دعوة وزير الصناعة والتجارة ورئيس غرفتي صناعة عمان والأردن لحضور هذا الحدث.
وما أن لبث وانتقل الخبر إلى وسائل التواصل الاجتماعي وتم تداوله بكثافة عالية حتى تصدر هاشتاج "الكرسي" المراكز الأولى عبر السوشال ميديا.
وظل كثير من الناس يتساءلون عبر مواقع التواصل عن حقيقة هذا الأمر ومدى جديته وما الهدف منه ومن أطلق المبادرة في ظل حالة من السخرية والتندر وطرح الأسئلة التهكمية.
والحقيقة أن "قصة الكرسي" هي ليست إلا مبادرة أطلقها مصنع أردني بمناسبة افتتاح مركز لعرض منتجاته على اوتوستراد الزرقاء وأراد أن يعرض هذا الكرسي الذي صنعه بارتفاع 7 امتار وعرض 3 أمتار وعمق 3 أمتار.
ووجه هذا المصنع دعوة لوزير الصناعة والتجارة والتموين ورئيس غرفتي صناعة عمان والأردن لحضور الحدث، غير أن غرفة صناعة عمان تولت زمام المبادرة ووجهت دعوات للصحفيين لحضور المناسبة.
وقال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن م.فتحي الجغبير إن "فعالية عرض مجسم للكرسي الأكبر من نوعه في المنطقة، في الوقت الذي تشهد فيه صناعة الأثاث في الأردن مواكبة لأحدث التصاميم والتوجهات في الأسواق المستهدفة بالإضافة إلى تطوير تصاميم جديدة ترضي أذواق المستهلكين، واستخدامها لأحدث التقنيات والأجهزة الحديثة لتلبية معايير الجودة الدولية".
وأضاف الجغبير لـ"الغد" أن هذا الإنجاز الذي يسجل للصناعة الوطنية، كأكبر كرسي جرت صناعته في الأردن، يأتي ليعكس مدى تطور صناعة الأثاث الأردني واستخدامها لأجود أنواع الخشب والمواد الأولية في عملياتها الإنتاجية، وتأتي أبعاد الكرسي بطول يصل إلى 7 أمتار وبعرض 3 أمتار وبعمق 3 أمتار، حيث أن فعالية عرضه تعتبر بمثابة تعزيز للعلامة التجارية الخاصة بصناعة الخشب والأثاث الوطنية وإظهار قدرات القطاع كجزء من إستراتيجية الترويج والتسويق له داخل السوق الوطني والأسواق الخارجية".
وأكد الجغبير أن قطاع الصناعات الخشبية والأثاث يعتبر أحد أبرز القطاعات الصناعية الواعدة في المملكة، حيث يرتبط النمو في هذا القطاع بشكل كبير في نمو قطاعي الإنشاءات والنشاط العمراني، كما تدخل منتجاته بالتجهيزات الخاصة بالمطاعم والفنادق والمدارس والمستشفيات وغيرها من الكثير من النشاطات الاقتصادية.
وبين أن القطاع يعد أيضا حرفيا بامتياز حيث تتجاوز نسبة المنشآت الحرفية 95 % من إجمالي المنشآت العاملة في القطاع كما تعتمد تلك المنشآت على العمالة الماهرة التي تمتاز بالمهارة العالية والدقة والإبداع مما أدى إلى تميز هذا القطاع ورفع قدرته التنافسية في السوق المحلي والأسواق الخارجية، وهذا ما يعكس طبيعة القطاع الحرفية واعتماده بشكل كبير على المشاغل الصغيرة والمنتشرة على نطاق جغرافي واسع من المملكة. وأشار الجغبير إلى أن صناعة الأثاث في الأردن انطلقت على شكل ورش صغيرة، إلى أن امتدت وتوسعت وأصبحت تضم سلسلة من المنشآت ذات مستوى إنتاجي كبير تغطي جزءا كبيرا من حاجة السوق المحلي والأسواق الخارجية ومن مختلف المنتجات بالإضافة لتشابكيته وترابطه مع القطاعات الأخرى، الأمر الذي جعل منه بيئة خصبة للاستثمار والريادة.
وبحسب رئيس الغرفة يعد القطاع أحد القطاعات ذات الكثافة العمالية بتشغيله لأكثر من 8500 عامل جلهم من الأردنيين وبنسبة تجاوزت 90 % من إجمالي العمالة داخل القطاع، وقد توزعت العمالة على ما يقارب 2140 منشأة منتشرة في كافة أنحاء المملكة، في حين بلغت نسبة عمالة الذكور الحصة الأكبر من إجمالي عمالة القطاع بما نسبته 92 %.
على مستوى الاستثمار أوضح الجغبير أن حجم الاستثمار داخل القطاع بلغ حوالي 300 مليون دينار، مشيرا إلى أن القطاع يعتبر أحد ابرز القطاعات ذات الإنتاجية والقيمة المضافة العالية وذات المهارات العالية والفنية والإبداعية للعمالة داخله، إذ يصل إنتاج القطاع إلى ما يقارب 320.7 مليون دينار، وبنسبة 1.8 % من إجمالي الإنتاج الصناعي، تشكل القيمة المضافة للقطاع ما يقارب 40 % من إجمالي الإنتاج.
وبين ان صادرات القطاع بلغت خلال العام الماضي ما يقارب 34 مليون دينار، حيث وصلت منتجاته لأكثر من 70 دولة حول العالم وبأكثر من 60 منتجا داخل القطاع، مشيرا إلى أن السعودية جاءت في المرتبة الأولى كأكثر الدول استيرادا من الأردن ضمن منتجات قطاع الصناعات الخشبية والأثاث، بنسبة 31.7 % تلتها العراق بنسبة 13 % من إجمالي صادرات القطاع.
ولفت إلى أن القطاع يمتلك العديد من المقومات والفرص على مستوى الأسواق الخارجية حيث قدّرت قيمة الفرص التصديرية غير المستغلة بحوالي 21.7 مليون دينار إلى مختلف دول العالم.
وبين الجغبير أن قطاع الصناعات الخشبية والأثاث يواجه العديد من التحديات والعقبات التي تقف أمام تحقيق المستويات والنمو المطوب ، بداية من مشكلة استيراد المواد الأولية وعدم توافرها بالشكل الكافي لدعم العملية الإنتاجية، بالإضافة إلى كلف الإنتاج المرتفعة (الوقود والكهرباء) والتي تصل إلى 60 % من إجمالي حجم إنتاج القطاع، إلى جانب الافتقار إلى وجود حماية حقيقية لصناعة الأثاث الوطنية من المستوردات الأجنبية والتي وصلت إلى مستويات كبيرة، رغم تنافسيته على الصعيد السعري، حيث شكلت حصة المنتجات الأجنبية من السوق المحلي ما نسبته 43 %، الأمر الذي يؤدي لتشكيل عائق أمام رفع تنافسية المنتج الوطني على المستويين المحلي والإقليمي، ذلك على غرار عدم توافر المهارات الكافية لمتطلبات سوق عمل القطاع وضعف الخبرة والدراية في التعامل مع الآلات الحديثة، وعدم حداثة المناهج التعليمية.
ولفت إلى أن ضعف برامج التمويل والحوافز المباشرة الموجهة إلى القطاع، والافتقار إلى برامج وأنظمة التسويق والترويج المتقدمة، مما يحد من قدرة وصول المنتج إلى الأسواق العالمية بالشكل الأكبر، في حين أن هنالك عددا من التحديات التي تواجه القطاع على مستوى التشريعات والأنظمة، والتعقيدات الإدارية والتسجيل، وتعدد الجهات الرقابية.
وشدد الجغبير على ضرورة العمل على تخفيض كلف الإنتاج وخاصة فيما يتعلق بالطاقة والمواد الأولية، في حين أن هنالك حاجة كبيرة لرفع الحصة السوقية والترويج لها على المستوى المحلي من خلال تفعيل مبدأ الحماية الحقيقية لصناعة الأثاث الوطنية من المستوردات الأجنبية.
وأشار إلى ضرورة دعم القطاع على مستوى الأسواق الخارجية وتعزيز صادرات ومنتجات القطاع ذات القدرة التنافسية العالية وفتح أسواق تصديرية جديدة، والتوعية بمتطلبات وآلية التصدير لدول المنطقة المختلفة، ودعم المشاركة في المعارض الدولية والتعريف بالمنتج المحلي خلالها وتوعية أصحاب المصانع حول الأسواق المتاحة للتصدير ومتطلباتها.
وشدد الجغبير على ضرورة تعزيز قدرات العاملين في القطاع من خلال برنامج تطوير المهارات والقدرات داخل القطاع، وتطوير التدريب المهني وتخصيص مراكز خاصة للتعليم على الحرف المتعلقة بالصناعات الخشبية والأثاث وتطوير آلية التدريب وإكساب المزيد من الخبرات للمدربين الأردنيين، والتركيز على تعميق التكنولوجيا داخل منشآت القطاع وضرورة مواءمة مخرجات التعليم المهني والأكاديمي لمتطلبات سوق العمل وحداثة البرامج التعليمية.
وأشار إلى أن الغرفة تعمل حاليا على تقديم العديد من المقترحات والبرامج إلى الجهات الحكومية المعنية المختلفة، والتي من شأنها النهوض بأداء القطاع وجعله جاذبا للمزيد من الاستثمارات لما ذلك من دور رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة التي تسعى الرؤية لتحقيقه، بالإضافة إلى دعم المشاركة بالمعارض والمحافل الدولية والمؤتمرات وغيرها.
طارق الدعجة - الغد