زاد الاردن الاخباري -
ما إن بدأت العطلة الصيفية في المملكة حتى وجد أحمد ياسين، صاحب كراج لتصليح المركبات في منطقة البيادر الصناعية، تزايد أعداد الأطفال الذين يقبلون على محله ويسألون عن عمل لهم.
ويقول ياسين (48 عاما) إنه يرفض طلب هؤلاء الأطفال للعمل بلطف ودون أن يجرحهم، شارحا لهم خوفه على مصلحتهم وصحتهم من جهة، ومخالفته لقانون العمل وتعرضه للمساءلة في حال وظفهم من جهة أخرى.
ويبين ياسين أن "هناك أطفالا يلحون علي للعمل ويخبرونني أنهم سيتعلمون الصنعة بسرعة، وآخرون يستمعون لحديثي ونصيحتي ويذهبون دون أي تعليق".
ويرى ياسين أن الأطفال الذين يلحّون عليه للحصول على عمل يخبرونه أنهم مضطرون لذلك وأنهم بحاجة للأجر لمساعدة عائلتهم ويرغبون بالعمل بدلا من سؤال الناس والتسول بالشوارع.
ويضيف "أحاول أن أساعدهم ولكن لا أستطيع .. فأنصحهم بالذهاب إلى التنمية الاجتماعية للحصول على مساعدة أو سؤال الجمعيات الخيرية".
من جانب آخر يقوم منتصر (اسم مستعار) ذو العشرة أعوام يوميا بالتجول على محال الخردة في منطقة الرجيب جنوب شرق العاصمة عمان لبيع ما جمعه من قطع والحصول على مبلغ زهيد ليعود به لعائلته في نهاية اليوم.
ويقول منتصر، الذي دفعه الفقر للعمل في هذا المجال الخطر، أنه يحصل على نصف دينار مقابل كل كيلو خردة يجمعه، مبينا أنه يجمع حوالي 10 كيلوات باليوم.
ويبين أنه يبذل جهده لجمع الخردة بسرعة كبيرة كونه يتنافس عليها مع العديد من أطفال المنطقة الذي يزداد عددهم في العطلة الصيفية وينتشرون بين مكبات قطع الخردة المنتشرة.
ويشير منتصر الأخ الأكبر بين خمسة إخوة وأخت رضيعة، إلى أنه تعرض لأكثر من مرة إلى جرح أصابعه ويديه نتيجة البحث عن الخردة وجمعها في كيس الخيش، كون أن بعض القطع يكون لها حواف حادة.
وبحسب الدراسة، التي صدرت عام 2014 عن منظمة إنقاذ الطفل، ومركز المعلومات والبحوث التابع لمؤسسة الملك حسين، فإن "جمع الخردة تعد واحدة من أسوأ أشكال عمل الأطفال".
وتعرف منظمة العمل الدولية "أسوأ أشكال عمل الأطفال" بأنه "العمل الذي من المرجح أن يضر بصحة أو سلامة أو أخلاق الأطفال بفعل طبيعته أو بفعل الظروف التي يزاول بها".
وفي دراسة حول الأطفال العاملين في جمع "الخردة" تؤكد ضرورة إيجاد نص قانوني، يتعامل مع هذه الفئة، ويحدد الجهة المسؤولة عنهم، فضلا عن إيجاد تعريف واضح لهم، كونهم "يحتاجون للحماية مع توفير آليات واضحة لتقديم الخدمات لهم".
وبلغ عدد حالات عمل الأطفال التي ضبطتها فرق التفتيش خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي 149 حالة، في حين بلغ عددها في ذات الفترة من العام الحالي 2023 نحو 231 حالة.
وأكد الناطق باسم وزارة العمل محمد الزيود، أن لدى الوزارة آلية للتبليغ عن حالات عمالة الأطفال من خلال رابط إلكتروني على موقع الوزارة عبر بوابة التفتيش، مضيفا أن فرق التفتيش تقوم بجولات اعتيادية يومية على مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية سواء في فصل الصيف أو في غيره من الفصول للتأكد من مدى التزامها بعدم مخالفة أحكام قانون العمل بخصوص تشغيل الأطفال.
وأضاف أن الرابط الإلكتروني Childlabor.mol.gov.jo، يعمل بالتنسيق والتعاون بين وزارات العمل والتنمية الاجتماعية والتربية والتعليم.
وأوضح أن وزارة العمل تضبط من خلال حملات التفتيش الخاصة بها الأطفال العاملين، وتدرج حالتهم على هذا الرابط، لتتمكن بعد ذلك وزارة التنمية الاجتماعية من إدارة الحالة لدراسة البرامج الخاصة بها وتدرس الدعم الذي قد توفره لأسرة هذا الطفل من خلال صندوق المعونة الوطنية.
وتعمل وزارة التربية والتعليم على التأكد من وجود حالة تسرب مدرسي لدى هذا الطالب وتصويب أوضاعه.
ونوه الزيود إلى أن الوزارة تتعامل أيضا مع أي شكوى بخصوص عمل الأطفال تُقدم لها من خلال المواطنين من خلال مديريات ومكاتب العمل المنتشرة في العاصمة وكافة المحافظات، داعيا إلى تعاون الوزارة مع الجميع للحد من هذه الحالات.
وعن الإجراءات القانونية، أضاف أن المادة (73) من قانون العمل تنص على أنه "لا يجوز بأي حال تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور"، فيما تنص المادة (74) من القانون ذاته أنه "لا يجوز تشغيل الحدث الذي لم يكمل الثامنة عشرة من عمره في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة".
ويحظر قانون العمل المادة (75)، تشغيل الحدث أكثر من ست ساعات في اليوم الواحد على أن يعطى فترة للراحة لا تقل عن ساعة واحدة بعد عمل أربع ساعات متصلة، كما يحظر تشغيله بين الساعة الثامنة مساء والسادسة صباحا، وفي أيام الأعياد الدينية والعطل الرسمية وأيام العطلة الأسبوعية.
وفق المادة (76)، فإن على صاحب العمل قبل تشغيل أي حدث أن يطلب منه أو من وليّه تقديم مستندات عدة؛ صورة مصدقة عن شهادة الميلاد، شهادة بلياقة الحدث الصحية للعمل المطلوب صادرة عن طبيب مختص ومصدقة من وزارة الصحة.
ويشترط أيضا موافقة ولي أمر الحدث الخطية على العمل في المؤسسة، وتحفظ هذه المستندات في ملف خاص للحدث مع بيانات كافية عن محل إقامته وتاريخ استخدامه والعمل الذي استخدم فيه وأجره وإجازته.
وعن المخالفات والعقوبات، قال الزيود، إن المادة (77) حددت عقوبة مخالفة لتشغيل الأطفال، حيث "يعاقب صاحب العمل أو مدير المؤسسة في حالة ارتكابه أي مخالفة لأي حكم من أحكام هذا الفصل أو أي نظام أو قرار صادر بمقتضاه بغرامة لا تقل عن (300) دينار ولا تزيد على (500) دينار، ولا يجوز للمحكمة تخفيض العقوبة عن حدها الأدنى أو الأخذ بالأسباب المخففة التقديرية".
هبة العيساوي - الغد