كتب ماجد القرعان - لن أعيد ولن أزيد في الهم العام فقد جزع القلم مني لكن لقاء الرئيس بالأمس بقطاع الشباب في جامعة مؤتة وما قاله دولته في ردوده على ما اثاره المتحدثون من تساؤلات وملاحظات واستفسارات وآمال وطموحات اعادني الى المربع الأول لإستكشاف مستقبل الأردن بهمة الشباب .
ولا اجامل ان قلت ان دولته سمع من جميع المتحدثين الذين كانوا في مستوى المسؤولية الوطنية ما لم يسمعه من قبل حيث اتسم حديثهم بالوضوح والشفافية بصلب القضايا والموضوعات التي تُشغلهم مقدمين اقتراحات موضوعية وموجهين انتقادات مشروعة هدفه الصالح العام .
جوهر اللقاء كان الحياة السياسية ومستقبل الإحزاب الأردنية ودور ومسؤوليات الشباب حيث سعى الرئيس الى طمأنتهم واقناعهم بأهمية انخراطهم أو مشاركتهم في تشكيل الإحزاب باعتبارها اللبنة الأساس لضمان المشاركة الشعبية في تحمل المسؤوليات الوطنية وصولا الى حكومات ممثلة للأكثرية تحمل برامج واقعية وهو المستقبل الذي يجهد جلالة الملك ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية ليصبح واقعا حيث يقتضي الصالح العام لإخراج الأردن من المنزلقات العديدة التي واكبت مسيرتنا جراء عوامل خارجية وداخلية .
سمع الرئيس بوضوح ان الثقة الشعبية بالسلطتين التشريعية والتنفيذية معدومة والعدالة المجتمعية مفقودة وغالبية الأحزاب القائمة غير مقنعة لا ببرامجها ولا بشخوص القائمين عليها والذين اغلبهم من رجال المال والأعمال ومسؤولين سابقين لم يُسجل لهم اثناء خدمتهم مواقف تؤكد ايمانهم بالديمقراطية الركيزة الأولى لعمل الأحزاب أو احترامهم وتقديرهم للرأي الاخر أو مبادرتهم لتبنى أفكار ومقترحات الغير من اصحاب الرؤى والإختصاصات لمجرد دراستها على اقل تقدير وزادوا في تنفير العامة من الأحزاب بتوليهم المواقع القيادية بـ ( التوافق ) ضاربين عرض الحائط بالنهج الديمقراطي الذي هو اساس العمل الحزبي .
حقيقة لم اتفاجأ من نظرة الشباب السوداوية لحال الأحزاب الأردنية وهو الأمر الذي ما زال يشكو منه جلالة الملك عبر لقاءاته الدورية مع المسؤولين والسياسيين وممثلي مختلف القطاعات بتكرار تأكيده في جميع اللقاءات على أهمية احداث نقلة في مسيرة الأردن تستند على الأحزاب البرامجية والتي يكون فيها للشباب بوجه خاص حصة ودور فاعل وبتقديري لو ان جلالته لمس بادرة أمل بقدرة هذه الأحزاب على تحقيق رؤاه وتطلعاته وقدرتها على استقطاب الأعضاء لما تصدر هذا الأمر جميع لقاءاته .
وللموضوع صلة بمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي تمت شرعنتها دستوريا واصبحت واقعا وبمثابة خارطة طريق لبدء مرحلة الإصلاح المنشودة حيث كان من المفروض ان تجهد كافة مؤسسات الدولة ومعها الأحزاب لتذليل ما سيعتري المسيرة من معيقات في مقمتها الجو العام لإهتمامات المواطنيين ونظرتهم لما سبق من أحزاب خلال مسيرة الدولة وصولا الى ترسيخ مفاهيم النهج الديمقراطي ونشر الثقافة الحزبية حتى لا تتكرر احزاب الدكاكين ولإغلاق الباب بوجه العديد من المسؤولين السابقين لإعادة تدوير أنفسهم من خلال الأحزاب .
الحزب البرامجي الفاعل يجب ان يكون واسع الإنتشار ويقوم على سلسلة من البرامج التي يتم اعتمادها بالتشاور من القاعدة الى القمة ويقوم على ادارته قيادات أتت بالنهج الديمقراطي وليس بالتوافق كما شهدنا بالنسبة لغالبية الأحزاب الأردنية حيث تولاها اشخاص من اصحاب النفوذ ومن رجال المال والأعمال .
أعجبني كثيرا في حديث دولة الرئيس خلال لقاء جامعة مؤته ما قاله ردا على المحامية هبة الشمايلة التي سلطت بعفويتها الضوء على جزء من معاناة الشباب محملة الحكومات المتعاقبة ومعها الحكومة الحالية مسؤولية الواقع الذي يعيشه الشباب موجهة انتقادات وتساؤلات حملت العديد من المضامين لمستقبل الشباب في ضوء التوجهات الرسمية لأحداث التغيير والإصلاح حيث وجه دولته للشباب نصيحة مفادها أن " لا يقبلوا بان يكونوا وقودا لمن يريدون ان يتصدروا المشهد " .
المهمة ليست سهلة أو يسيرة والعقبات كثيرة والمسؤولية يتحملها أولا راسموا السياسات ومتخذي القرارات ومعهم اعضاء السلطة التشريعية بغرفتيها وأجزم هنا اننا لن نقطف ثمار مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كما توقع رئيسها سمير الرفاعي بعد نحو عشرين عاما ما لم تبادر كافة الجهات بتذليل العقبات التي من ضمنها ايضا ان تسود العدالة المجتمعية ووضع الشخص المناسب في الموقع المناسب بعيدا عن التوريث والمحاصصة ومحاسبة من يثبت تغولهم على موارد الدولة واستغلال مناصبهم لتبادل المنافع والمكاسب .
وبعيدا عن مفردات التشاؤم علينا أن لا نتفاءل كثيرا بقدرتنا على تشكيل حكومات برلمانية عمادها الأحزاب حتى وإن أزهر الملح.