أول أمس تم إلغاء اتفاقية سلامة الملاحة لكل ما يتعلق بتصدير الحبوب من اوكرانيا من خلال موانئها البحرية الثلاثة من قبل الدولة الروسية التي كانت الطرف الوحيد الضامن لسلامة سفن الشحن التي تنقل هذه الحبوب من شواطئ أوكرانيا الواقعة على البحر الاسود مرورا بمضيقي البسفور والدردنيل عبر تركيا والتي كان للأخيرة الدور الأكبر لابرام هذا الاتفاق الذي جنب دول العالم وخاصة الدول النامية منها أزمة غذائية تداعياتها قد تكون بمنتهى الخطورة، فقرابة النصف مليار انسان على وجه هذه المعمورة الجزء الاكبر من السلسلة الغذائية التي يعتمد الفرد منهم عليها هي من الحبوب الأوكرانية.
الدولة الروسية عبرت عن عدم قبولها بتجديد الاتفاق بسبب مجموعة من القيود التي ما تزال تُفرض على صادراتها الزراعية رغم أن تصديرها من تلك المواد لا يقع ضمن العقوبات المفروضة عليها ولكنها تطالب بالغاء كامل القيود التي تتعلق باستيراد الآلات الزراعية وملحقاتها وتطالب بإعادة ربط تحصيل دخلها المتعلق بالتصدير الزراعي بنظام سويف العالمي، وهو النظام المالي الذي يتعلق بالمدفوعات والحوالات البنكية وكل ما يتعلق بها والذي تم حرمانها منه مما كان لذلك الحرمان الكثير من الآثار السيئة على اقتصادها بشكل عام.
من التداعيات المتوقعة لإلغاء هذه الاتفاقية على الأسواق العالمية وعلى المدى القريب ارتفاع الأسعار للعديد من أصناف تلك الحبوب وذلك بسبب ارتفاع تكاليف التأمين على الشحن والضعف المتوقع لكامل سلسلة التوريد الحالية، ومن المتوقع ايضا اعتماد النقل البري من شرق أوكرانيا إلى غربها عبر الدول الاوروبية المجاورة ولذلك الاجراء الكثير من التعقيدات التي تتعلق بارتفاع تكاليف النقل وبعض القيود التي تفرضها الدول المجاورة حماية لانتاجها المحلي.
من المؤكد ان الأمم المتحدة ستبذل قصارى جهدها لعودة روسيا لتلك الاتفاقية وربما تحصل روسيا على مبتغاها من تلك المطالب وتجنب العالم هذه الأزمة المتوقعة ولكن هذا الحدث سيؤدي للعديد من الدول العمل على إعادة النظر بسياستها التي تتعلق بمخزونها الغذائي وحتما العمل على رفع كمياته كنوع من الاحتياط لأي أزمة مفتعلة قد تحدث مستقبلا وهذا سيكون له ايضا بعض التداعيات ولكنها ليست بتلك الخطورة المتوقعة اذا لم يتم إعادة روسيا لتلك الاتفاقية.
مهنا نافع