أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
موجة برد سيبيرية تندفع إلى الأردن الأسبوع المقبل مسبوقة بالأمطار الأردن يوقع بيانًا لإقامة علاقات دبلوماسية مع تيمور الشرقية القناة 12 : “إسرائيل” ولبنان قريبان من اتفاق في غضون أيام المومني: دعم الصحافة المتخصصة أمر أساسي وأولوية شحادة: السماح لجنسيات مقيدة بدخول الاردن يهدف لتعزيز السياحة العلاجية وإعادة الزخم للقطاع ماذا تعني مذكرات التوقيف بحق نتنياهو .. ما القادم والدول التي لن يدخلها؟ جرش .. مزارعون ينشدون فتح طرق إلى أراضيهم لإنهاء معاناتهم قروض حكومية بدون فوائد لهذه الفئة من المواطنين الأردن .. 750 مليون دينار العائد الاقتصادي للطلبة الوافدين ريال مدريد عينه على (الصفقة الصعبة). أيرلندا :نؤيد الجنائية الدولية بقوة السرطان يهدد بريطانيا .. سيكون سبباً رئيسياً لربع الوفيات المبكرة في 2050 أستراليا تتجه لسن قانون يمنع الأطفال من وسائل التواصل أمريكا ترفض قرار الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وجالانت النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات من جراء التوترات الجيوسياسية ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 44056 شهيدا تسكين بكالوريوس دكتور في الطب بجامعة اليرموك ابو صعيليك: حوار مثمر يدل على شعور بالمسؤولية نتنياهو: إسرائيل لن تعترف بقرار المحكمة الجنائية دول أوروبية: نلتزم باحترام قرار محكمة الجنائية الدولية
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة إكذب حتى يصدقك الناس

إكذب حتى يصدقك الناس

03-08-2023 11:04 AM

يُعَدُّ فن الدعاية وسياسة الكذب فصلاً مهماً في فصول التاريخ الحديث، وقد اتخذ أكثر الأحيان صور مختلفة عن أسلوب الكذب الصريح، فكان الحل في أن يكون التعبير دبلوماسياً، أي يؤطر المضمون بكلمات غامضة، ولا تشير إلى معنى واضح أو إجابة محددة المعالم، لكن أسلوب الكذب والدعاية المزورة كان ملفتاً للنظر في بعض الأنظمة السياسية، وكان أشهرها على الإطلاق نظام الدعاية الإعلامية.

يُعَدُّ جوبلز وزير الدعاية النازية ورفيق أدولف هتلر أحد الأساطير في الإعلام الكاذب، وهو صاحب الشعار الشهير «اكذب حتى يصدقك الناس»، واعتمد من خلال الكذب الترويج المستمر لمنهج النازية وتطلعاتها، واستخدم الحرب النفسية لتحطيم الخصوم من الجانب الآخر. وقد أكدت ظاهرة جوبلز هذه أن إحتكار وسائل الإعلام قد يملك القول الفصل في الحروب الباردة والساخنة على المدى القصير. لكن آثارها السلبية تكون كارثية نتيجة الإفراط في إستخدامها على المدى الطويل، فالمجتمعات تفقد ثقتها في الخطاب المتشنج والأحادي حين يطول، لكن خوفها من البطش من قبل السلطة يدفعها إلى الصمت وعدم التعبير، ولو كان النظام قريباً من حافة الانهيار، وقد كان انهيار برلين فصلاً تاريخياً مهماً في فشل أسلوب الدعاية، فالأحادية ومنهج الترويج الزائف عادة ما ينتهي في صورة مروعة.

كان جمال عبدالناصر والإعلامي أحمد سعيد ثنائياً آخر في فنون الحروب الدعائية واعتماد سياسية الكذب في تاريخنا العربي الحديث، فقد كان سعيد بوقاً للدعاية والدجل لأفكار الزعيم وآرائه في الآخرين، وأجاد أحمد سعيد في فنون الكذب عبر إذاعة صوت العرب عندما نقل بيانات عسكرية منسوبة لمصادر عسكرية تخبر عن انتصار ساحق لمصر وعن إسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية، في الوقت الذي شهدت فيه جميع الجبهات هزيمة ساحقة للجيش المصري من قبل الجيش الإسرائيلي وقصف للطائرات المصرية وهي على الأرض وقبل أن تقلع من المدارج.

كانت هذه الثنائيات تعبر عن حجم الإستبداد السياسي في تلك البلاد، وعن وصول سياسة القمع إلى درجات غير مسبوقة، فقد كان وزراء الدعاية النازية يعبِّرون عن إرادة الزعيم رغماً عنهم، ولا يجرؤ أي منهم أن يحيد عن الخطاب الموجه إليه، فكانوا مجرد أبواق لدعاية إعلامية ممزوجة بالكراهية والتحريض والعنف، وتعبر عن واقع سياسي داخلي مرير، فالقمع وفرض رأي واحد فقط يثير الرعب في نفوس الآخرين.

تلك كانت أحد آفات الإستبداد السياسي في عقود خلت، ومهدت الطريق إلى إجتياح غربي للحضارات المجاورة، فقد أجاد الغرب في فرض مساحة مقننة في التعبير، وحاربوا في بلادهم كل الطرق التي تؤدي إلى النازية أو الأحادية المطلقة، ولهذا قاومت الولايات المتحدة المكارثية التي كادت أن تعصف بأقوى دولة في التاريخ الحديث، فالدول التي تحظى بتعدد الآراء وتنوع العقول وإستقلالها النسبي، قادرة أكثر في الإستمرار في خط الحكمة في السياسية.

السلطة العليا قدر لابد منه في المجتمعات البشرية، وضرورة ماسة لحفظ الأمن والوحدة والإستقرار في البلدان، لكن سلوكها في الحالتين السابق ذكرها خروج سافر عن التقليد الأمثل للسلطة الأعلى، وذلك عندما قرر الزعيم إنزالها إلى الشارع في مهمة تكميم الأفواه وحراسة العقول، فكانت النتيجة صمتاً إختيارياً للجميع في فصل السقوط الأخير.

ختاماً كان شعار جوبلز «اكذب حتى يصدقك الناس» خاطئاً بكل ما تعنيه الكلمة، فقد أثبت خطأه عبر التاريخ مراراً وتكراراً، والصحيح هو أن لا تكذب حتى يصدقك الناس، فالمصداقية في الخطاب السياسي والإقتصادي تحظى دوماً بالإحترام، مهما كانت مختلفة في الرأي أو الرؤية العامة.

الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع