لانا فايز السيد - عند قراءة واقع التعليم المهني في الأردن نجد هناك خلافاً في آلية التعاطي بين المسؤولين المتعاقبين على قضية التعليم المهني، وان هناك انقساما واضحا في وجهات النظر على مستوى القادة والخبراء والمتخصّصين، وان قضية التعليم المهني مازالت تعاني من عدة تحديات أولها تحسين جودة القطاع ومخرجاته وتعديل التشريعات بما يتواءم مع الحاجات، وتحدي الصورة النمطية المأخوذة عن خريجي القطاع وحرمانهم من فرص التعلم مدى الحياة وحياة كريمة ، إضافة إلى تحديات تمويل القطاع والمورد المالي ، وقلة في التخصصات ، والحاجة إلى تجهيز مشاغل وأماكن للتدريب وتأهيل المدارس وتطوير المناهج بما يتناسب مع حاجة السوق والمتطلبات العالمية ، إضافة إلى الحاجة لتطوير قاعدة بيانات وطنية تخص التعليم المهني واحتياجاته ،و الحاجة الماسة إلى توعية الطلبة وذويهم عن طريق وسائل الإعلام بحملات توعوية دائمة.
ورغم وجود تيار يؤكد ان هناك خلل كبير في منظومة التعليم المهني كاملة، وأن المدارس المهنية تخرج عمال عاطلين عن العمل فقط ، وإن هذه القضية يتم التعامل معها على حساب الأرقام والاهتمام بالكم على حساب النوع، وأن القائمين على التعليم المهني من المسؤولين أو المنظرين أو التربويين غير متخصصين ، الى ان التعليم المهني في الأردن الان يمر بمرحلة نوعية مختلفة يجب الانتباه لها وتقييمها واستثمارها، ويجب ان تتظافر جميع الجهود ليتم مساعدة القطاع حتى ينمو في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الأردن والمنطقة، وانقاذ الأردن من تبعات البطالة المقنعة وأثرها الخطير على المجتمع خصوصاً أنه امام ازمة حقيقية، ومن الضروري ان يتم الاهتمام في مسار التعليم المهني بالأردن بنفس مستوى الاهتمام بمسار التعليم الأكاديمي حيث إنه بحاجة لإعادة صياغة ومراقبة للبنى التحتية وجودة التعليم والتمويل والمنهاج والتشريعات المنظمة وانه إذا ما تم بناء مناهج تحاكي أفضل الممارسات وتكون قادرة على التغيير، والأخذ بتجارب الآخرين، سيكون هناك نقلة نوعية في التعليم المهني، وهذا يأتي من خلال مراقبة الإعلام وتسليط الضوء على قضايا التعليم، كما يحتاج إلى نظام تعليم جديد يقدم برنامجا متكاملا يغطى المراحل العمرية كافة، حيث تبدأ برامج التعليم المهني كجزء من التعليم العام في المستويات الاساسية، وهذا يسهم في توعية الطالب بالمهن ومن ثم يتم تهيئتهم للتعامل معها وإدراكها ومن ثم اكتشافها والتعامل معها بشكل مباشر من خلال جوانب نظرية وعملية وتدريب يراعي المراحل النمائية للطالب مرحلة التعليم العام، مع ضرورة تحديد الهدف من وجود التعليم المهني في الأردن، وأن الهدف هو الوصول إلى تعليم مهني فعال يغذي ويزود سوق العمل برواد أعمال وأصحاب مهن وورش، ومهنيين ومهارة بمختلف المستويات المهنية الأساسية المتوائمة مع هرم القوى العاملة في الأردن، وهذا يأتي من خلال رفع مستوى الطلبة والتأكد من أن التعليم يلائم احتياجات السوق من حيث ما هو موجود من فرص.
وطالما لم يكن هناك تغيير جذري في تناول القضية لن يكن هناك اي تغيير في المخرجات ، ففي قطاع التعليم المهني تحديات كبيرة منها التمويل والتشبيك والبيانات والمعلومات والجودة والفجوة بين متطلبات السوق وبين المهارات التي يمتلكها الطلاب، ويجب علينا التعامل مع مسألة التعليم المهني بالعمق لا بالمعالجة حيث أن هناك مشكلة حقيقية يجب الأخذ فيها وهي الإجابة عن سؤال هل الاقتصاد الوطني في الأردن قادر على التعامل مع هذه الكميات الخريجين من التعليم المهني مقارنة بالتجارب العالمية التي يتم إسقاطها على نظام التعليم الأردني، أو أن الطلاب سوف يجدون أنفسهم غير قادرين على العمل، وطالما لم يكن هناك فرص عمل حقيقية لن يكن هناك تغير في تفكير الطالب وسوف يتم رفضه ومحاربته من الأهل و المجتمع بشكل كبير.