زاد الاردن الاخباري -
العرب اليوم - وليد شنيكات
لا تزال وزارة التربية والتعليم تدور في حلقة مفرغة بشأن تطوير امتحان الثانوية العامة رغم مرور سنوات عديدة من الحديث المكثف من دون التوصل الى قرار واضح يضع حدا لحالة الجدل المتنامي حول تزايد الاختراقات المتتالية للامتحان لا سيما بعد ضبط مئات من حالات الغش العام الماضي, وألقى بظلال قاتمة على قائمة القبول الموحد الاخيرة.
خلال السنوات السابقة جرت محاولات كثيرة لتطوير الامتحان غير ان جميعها باءت بالفشل بسبب تعدد الاراء والمرجعيات وتفاوت المقترحات, مما خلق ازمات بنيوية شوهت من صورة الامتحان وصار مثارا للتندر بين مختلف الاوساط حتى انه في مواسم انتخابية دخل ضمن حملات وبيانات المرشحين!
لا يستغرب الخبير التربوي والامين العام لوزارة التربية والتعليم الاسبق الدكتور فواز جرادات الحال الذي وصل اليه امتحان الثانوية العامة. يقول الدكتور جرادات من الطبيعي ان يتحول امتحان التوجيهي من اداة قياس قدرات الطلبة الى سوق يتم فيها بيع وشراء الاسئلة على نحو فاضح بعد اخراجها من القاعات وهذا تم الاعتراف به من قبل مسؤولين ومراقبين على الامتحان.
تخيلوا هذا هو الامتحان الذي يحدد سنويا مصير الاف الطلبة?!
وقد فصلت وزارة التربية والتعليم العام الماضي عشرات الطلبة من الامتحان بعد ان سجلت اجهزة الرقابة فيها انتهاكات واسعة من بينها حالات غش وإعتداءات بالضرب على مراقبين ادت في احيان كثيرة الى تواطؤ هؤلاء المراقبين مع الطلبة داخل قاعات الامتحان.
ما هو الحل?
ترددت مؤخرا دعوات بين اوساط تربوية الى حسم هذا الملف عبر اجراء الامتحان إلكترونيا في جميع مدارس المملكة بعيدا عن اي تدخل بشري من شأنه نزع قدسية الامتحان الوطني.
يقول الدكتور جرادات ل¯ العرب اليوم قبل اربع سنوات كانت هناك فكرة بانشاء بنك اسئلة يشمل جميع المباحث المدرسية ولكل الصفوف غير ان هذا كان يتطلب وجود بنية تحتية تكنولوجية تضم مختبرات حاسوبية يكون الربط بينها ضمن شبكة واحدة, لكن كل شيء اختفى فجاءة من دون سابق انذار وبعدها خرجت من الوزارة ولا اعرف اين وصل المشروع?.
ويشيد الدكتور جرادات بفكرة (الامتحان الالكتروني) لما لذلك من ايجابيات كثيرة من حيث النزاهة والعدالة بين الطلبة بعيدا عن اي تدخل بشري يكون لكل دورة امتحانية اسئلة تختلف عن الدورة التي سبقتها وتكون كذلك متكافئة لها في الصعوبة والسهولة كما ان هذه الاسئلة تتفاوت من طالب الى اخر منعا للغش.
ويساهم هذا الامتحان الالكتروني في حال تم تطبيقه على طلبة الثانوية العامة في القضاء على ظاهرة الغش المتنامية مع كل عام وتحقيق العدالة في توزيع وقت الامتحان بحيث يتم فصل الاجهزة داخل القاعات في الوقت نفسه ليس كما يحدث الان, فضلا ان الاجابة ستكون الكترونية وفورية حسب الدكتور جرادات.
ورغم صعوبة تطبيق الفكرة في الوقت الحالي حسب مدير ادارة الامتحانات والاختبارات المدرسية الدكتور فايز السعودي بسبب ارتفاع اعداد طلبة الثانوية العامة وغياب البنية التكنولوجية اللازمة للمشروع, الا ان الدكتور جرادات يؤكد انها كانت ضمن خطة متكاملة يشرف عليها خبراء محليون واجانب ولاقت ترحيبا من قبل جهات كندية لجهة التمويل لكنه في الوقت نفسه يتساءل عن مصير المشروع الان?!.
بيد ان الدكتور السعودي كشف ل¯ العرب اليوم ان الوزارة بصدد اجراء تجربة عملية سيتم تطبيقها اعتبارا من العام الجاري على طلبة الثانوية العامة لمبحث الحاسوب في الامتحانات المدرسية ومن ثم يتم قياس مدى نجاح التجربة وبالتالي تعميمها على باقي المباحث في السنوات المقبلة.
بموازة ذلك تجري الاستعدادات في وزارة التربية والتعليم لعقد مؤتمر وطني يبحث في تطوير امتحان الثانوية العامة وفق معايير متقدمة تراعي ظروف الطلبة واحتياجات المرحلة, ومعالجة جوانب القصور التي ظهرت في الامتحان مثل كثرة عدد الاوراق الامتحانية, والمدة الزمنية التي تخصص للامتحان, اضافة الى التوتر النفسي والمجتمعي الذي يصاحب عقد الامتحان واشغال اجهزة الدولة وتعطل الحياة نسبياً خلال هذه الفترة.