بقلم المخرج د محمد الجبور - إن تصرفات الإنسان سواء أكانت جيدة أو سلبية، صحيحة أو خاطئة تنبع من القيم السائدة في المجتمع والمتوائمة مع الثقافات بنسب متباينة؛ فكل من الطهارة والجد والاجتهاد وإسداء الخدمات والخيانة والهجوم والدفاع مكتسبة من المجتمع والثقافة
يعد الإنسان في المفهوم الثقافي لبنة الثقافة السائدة في المجتمع، يتعلم منه الغاية والمنهجية والواجب والعقائد والصداقة والعداوة والمجاملات والحيل والخداع كما يستلهم من ثقافة المجتمع الآداب والمراسيم وطريقة التفكير بل وحتى طريقة النمو
من هنا فإن كثيراً من صور الانحراف والحالات الشاذة ناجم عن انحرافات موروثة أو تقليد لسلوك غلط سائد في المجتمع وأن الطفل تعلمها بصورة مباشرة أو غير مباشرة من أبناء المجتمع ونماذج القدوة والاقران والإصحاب ثم ترسخت فيه على هذا فإن أريد إصلاح المجتمع فلا بد أولاً من إصلاح ثقافة المجتمع
دور البيئة المقصود من البيئة كافة العوامل والظروف التي يعوم فيها الشخص.. هذه العوامل ربما كانت مادية وقد تكون معنوية أو غذائية أو جغرافية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية أو عسكرية أو متعلقة بالدواء أو وقد تكون نابعة من المنزل أو المدرسة أو المجتمع وغير ذلك كما يمكن القول إن المراد من البيئة مجموعة العلل والأسباب التي تولد لدى الأشخاص نوعاً خاصاً من الاحاسيس والأفكار الخاصة المكونة لشخصية الفرد في الحياة البيئة تبني الإنسان وأحياناً تحطمه فالبيئة التي يكثر فيها الازدحام والتلوث والفساد والانحراف يستحيل فيها الإصلاح والبناء وإن حصل فبمقدار قليل جداً كما ان البيئة المريضة تستحيل فيها السلامة وبذلك فإن الإصلاح والسلامة تستلزمان بالطبع إزالة عوامل التلوث منها كثير هم الأشخاص النزيهون والطاهرون الذين جرفهم التيار بعد عيشهم في بيئة طالحة فيما انضم كثير من الفاسدين والمنحرفين الى صنف الصلحاء والنزيهين بعد ان عاشوا في بيئة صالحة
دور الأقران والأصحاب الدور الذي يلعبه أصدقاء الطفل يفوق في تأثيره أحياناً دور الأب والأم؛ فالطفل يتعلم الأسس الخلقية والقيم الاجتماعية والنظام الحكومي والآداب والمراسيم ونوع العلاقات ووظائفه عادة من الأصدقاء وبذلك فما من شك ان مصاحبة الوقحين والشريرين وغير المؤدبين تؤثر فيه والأمر كذلك بالنسبة لصاحب المؤدبين والصادقين والخلوقين في الوقت الذي نؤيد فيه حاجة الطفل للأصدقاء ومن يلهو معهم لكننا لا نعتقد بصحة ان يعاشر ويصاحب الطفل أياً كان ذلك ان الصديق الخاطئ والمعتدي لا يزيد في الشخص إلا مفاهيم الاعتداء والعنف وربما تفاقم حالة الانحراف وظهور الحالات الشاذة في الطفل.
هناك عوائل تعمل على تجنيب أطفالها مشاهدة المشاهد الملوثة والأفلام ذات الآثار السيئة والاحتيال في حين يتعرف أطفالهم على تلك المشاهد والحالات المضرة نفسها عن طريق أصدقائهم
الإنسان بحسب الفطرة أو بالاكتساب حسب نظر بعض علماء الاجتماع، موجود اجتماعي يعيش بين الناس، يتأثر بهم ويؤثر فيهم ويقبل نظام قيم المجموعة ويخضع لها في ظل الحياة الاجتماعية بل ويتأثر بأفكار المجتمع ويتصرف على أساس السلوك العقائدي للمجتمع
من أين نتعلم الادب والتربية؟ لا شك من الوالدين، من الاقارب والآخرين، من الاصحاب، من وسائل الاعلام وكافة الظواهر المحيطة بنا سواء أكان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولذا فإن مسيرة التأهيل ستؤتي أكلها عندما يتم السيطرة على هذه العوامل