لا أعلم إن كان ما سأكتبه تالياً سيندرج تحت بند الجرائم الالكترونيّة أم لا؟!!.. أم أنَّ المادّة (١٥) من الدّستور ستكفل لي حرّية الرّأي بما أنّني لن أتجاوز حدود القانون؟!.. قطعاً لا يمكن تحت أيّ ظرف أن تتبدّد قناعتي بنزاهة قضائنا، الأمر الّذي دفعني للكتابة وأنا في غاية الاطمئنان لها.
وبعد:
فحينما يصدّر لنا الأعلام بشتّى صوره هذا الكمّ من عُفاشة البشر على أنّهم شخصيّات مؤثّرة؛ ويصل الأمر بمحطّة تلفزة رسميّة مموّلة من جيب المواطن أن تصدّر لنا تافهاً لذات السّبب الوارد ذكره ويُنَحَّى المبدعون الحقيقيّون من العلماء والأدباء وأصحاب المبادرات الإنسانيّة فهذا الإسفاف بعينه!!.. وحينما يُكِّرم مسؤولٌ أيضاً تافهاً مسفًّا ضئيلاً على أنّه شخصّيّة مؤثّرة فتماماً وألف ألف تمامٍ بأنّ هذا من الدّواعي الملحّة لتُوجَّه له تهمة سوء استخدام السّلطة من باب حجبه الحقّ عن مستحق ومنحه لمن لا يستحقّ..
ولذات الأسباب مُجتَمعةً لا أظنّ أنّ الأمرَ مقبولٌ اجتماعياً وتحت أيّ ذريعة كانت وأنّى كانت المنافع أو المكاسب أن يَتَصَدَّر بنشوة المنتصر صفحات المواقع الإخباريّة مسؤول رفيع المستوى مُعلنًا خبر وصور لقائه بواحدٍ من هذه الحُفنة على أنّه صانع محتوىً؛ في الوقت الّذي لم يُقدّم فيه من خلال محتواه إلى المجتمع إلّا كما قدّمت السّاقطة من قِيَم!.. فما يجري هو تجاوز صارخ على قيمنا و محاولة بائسة للاستفادة من شعبيّة هزليّة مكتسبة على حساب ثقافتنا الأصيلة!!..
فحتى يُولى صانعُ محتوىً المكانة الّتي يستحقّها لا بدّ من الحكم على محتواه وفق ما يحمل من قِيمٍ وقيمة لا من خلال شعبيّة افتراضيّة مُقحَمة على الواقع، وإلّا فأكثر الڤيديوهات مشاهدة على مواقع التّواصل هي ما تحثّ على الرّذيلة يليها ڤيديوهات حُثالة مجتمعاتهم، فهل يعقل أن نُصدِّر أصحابها على أنّهم صنّاع محتوىً وشخصيات مؤثّرة؟!!..
حقيقة أنّ ما يُرتكب بحقّ مجتمعاتنا الفطرية لا يقبله ذو عقلٍ أو خلقٍ ودين. فإذا ما بقي الوضع على ما هو عليه ستأتي أجيالٌ تعتقد أنّ هذه الكائنات البشريّة هي الرّموز الحقيقيّة في مجتمعاتها، وسيتأثّر بها المراهقون وسيحاولون تقليدها لا بل في الحقيقة هذا ما يحدث بالفعل، فنحن أمام جيل يتّجه نحو الانحدار بشكل متسارع ولا يبشّر إطلاقاً بمستقبل باهر للقيم الّتي فُطرنا عليها ونتوارثها جيلاً تلو جيل.
أرجوكم سيّدي المُؤتمن على منصبكم أنْ لا تدفعوا بالتّافهين إلى سقف الحاضر أو تجعلوا منهم رموزاً تستحقّ الالتفاف لسفول محتواها، كفانا ما نحن فيه من انحطاط خُلقي فرضته علينا تلك المواقع وتواطأ معها الواقع رغماً عن أنوفنا.. لا بدّ وأنّ نجاهد وأنتم على رأسنا من منطلق مسؤوليتكم الاجتماعية لإعادة القيم إلى نصابها المعقول لا أنّ ننحدر بها إلى الحضيض أكثر ممّا هي به من انحدار!..
تيسير الشّماسين