في خضم المخاض الذي تعيشه الأمة من المحيط إلى الخليج هناك مجموعة من الناس لا يتصورون انه يمكن أن يكون هناك إصلاحاً حقيقياً يغير من هذا الواقع الذي جثم على صدورنا عشرات السنين ، وأدى الى تخلفنا وجعلنا في ذيل الأمم ، وجعل من شبابنا وكفاءاتنا مجموعة من المتسولين على أبواب السفارات الغربية بحثاً عن فرصة خارج وطنهم لتقديم مواهبهم لمن يحتضنها وهي طبعاً لا تتناسب مع أنظمتنا المغتصبة للسلطة منذ عشرات السنوات.
ويقف هؤلاء الناس موقفاً سلبياً من الثورات العربية ، ويعتقدون بأن ما ستفضي إليه هذه الثورات سيكون أسوء مما كان الوضع عليه قبلها، وطبعاً هم ينطلقون من مفهوم الأمن الذي عاشوه أيام الحكم الدكتاتوري ، وهم بذلك لا يميزون بين الأمن المفروض بقوة السلاح والذي لا يلبث أن يزول بفعل شبيحة و بلطجية و زعران هذه الأنظمة ، وبين الأمن المبني على العدالة الاجتماعية التي تجعل المواطن يساهم في حماية أمنه وامن وطنه بوازع داخلي بعيد عن الخوف والرعب الذي تبثه مجرد سماع كلمة الأجهزة الأمنية في عصرنا الحالي.
من ناحية يعذر هؤلاء على موقفهم بسبب ما نشئوا عليه من تربية جعلتهم لا يميزون كثيراً بين الحاكم الذي تجب طاعته في غير معصية وبين الإله الذي تجب طاعته المطلقة . ومن ناحية أخرى لا يعذر هؤلاء لانه بمجرد قيام مجموعة من الناس تنادي بالحرية وتقدم دماءها في سبيل كرامة الامة فقد أصبحوا حجة على هؤلاء الناس ولان الله عز وجل تكفل بحياتهم ورزقهم وطلب منهم عدم الرضوخ لغيره .
حال هؤلاء اليوم مثل حال قوم فرعون الذين قال الله فيهم " فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين" .
إن العبودية التي وصل إليها هؤلاء جعلتهم أزلاماً بيد الأنظمة الدكتاتورية وهذا لا يبرئهم في الدنيا ولا في الآخرة سواء كانوا من الظلمة أنفسهم بالوقوف معهم في مواجهة ثورات التغيير العربية، أو من أعوان الظلمة وذلك بسكوتهم ووقوفهم على الحياد وكأن الأمر لا يعنيهم
سالم الخطيب