زاد الاردن الاخباري -
محمود عبد العريز العايد - معاذ الله أن اتهم إنسانًا بالنفاق والكذب والتدليس والتلبيس وأُشكك في نيته ثم أقول له مبروك على أي تحصيل علمي أحرزه أو سند نبوي أتمّ حفظه أو منصب مرموق تولّاه، لكن كومة من المنافقين من تفعل ذلك؟ .. فهذه الكومة تُشعرك ويكأن لديها صكوك غفران توزعها على خلق الله فتتهم هذا بالنفاق، وتصف ذاك بشرِّ الأفاكين ثم فجأة يتسابقون بالمباركات لهم على أي مركزٍ تبوؤه أو منصبٍ تولّوه أو سند نبوي حفظوه، كان بوسعكم أن تباركوا لهم دون أن توزعوا عليهم هذه الصكوك وتصفونهم بالمنافقين والأفاكين أو تتوقفوا فورًا عن توزيع هذه الصكوك عليهم ثم باركوا لهم كما تشاؤون، فلكم اتهمتُ نفسي بزعامة المنافقين على الملأ وما زلتُ اتهمها بذلك، ولا أستحي من ذلك البتة، ورغم ذلك لم تحدثني نفسي لحظة أن أعيش بوجهين، ولا أتذكر أني جاملتُ إنسانًا على حساب قناعاتي، وقاعدتي في الحياة " طخه واطلع مخه " حتى مع من تربطني بهم مصالح مادية بحتة، وليس صداقات شكلية أو قرابة دموية .. كنتُ أقول في وجوههم وما زلت ما أقوله في ظهورهم، وإيماني لا يفل الرأس إلا من ركبه، ومن يطعمني رغيف خبزٍ فليقطعه عنِّي لأني أقول الحقيقة ولا أجامل .. دع عنك حافظ السند النبوي فقد يكون فعلًا حفظه خالصًا لوجه لله سبحانه، لكن ركِّز جيدًا على كومة المنافقين التي شكّكت في النية، وطعنت في المنهجية، واتهمت القلب بالنجاسة، والنفس بالدناءة كيف سارعت بالمباركة لمن كانت بالأمس توزع عليهم صكوك النفاق، وتنعتهم بشرِّ الأفاكين بمصطلحات مخملية عذبة؟. .. أحدهم على سبيل المثال لا الحصر علق مهنئًا نفع الله به الأمة، والمصيبة أن صكوكهم التي طبعوها للناس في الغرف المظلمة كظلام قلوبهم تتناقض تمامًا مع تعليقاتهم التي يظهرونها أمام الملأ .. وللأمانة، لا أدري من هم أساتذة النفاق الذين تولّوا وظائف مرموقة، واجتهدوا في الوصول إليها بغض النظر عن نيتهم التي لا يعلمها إلا الله أم الذين تتغير وجوههم، وتتبدل جلودهم حسب الطلب والعرض بسوقهم العبارات المخملية المقززة والمقرفة لمن طبعوا لهم بالأمس صكوك النفاق؟. يبدو أنه النفاق الكامن في نفوسهم المريضة .. والحقيقة الثابتة أن الموظف الذي تولّى منصبًا مرموقًا أو الإنسان الذي حفظ جزءًا يسيرًا من الصِّحاح الستة أو الطالب المجتهد الذي حصل على أعلى الدرجات العلمية حصلوا عليها جراء مثابرتهم، ولا يحق لأحد التشكيك في نواياهم، لكن المؤكد بلا جدال أن الذين وزعوا الصكوك على خلق الله بأنهم منافقين ثم انهالوا لهم بالتبريك والتهنئة هم المنافقين حقًّا وأن مقعدهم محفوظ في قعر جهنم نتاج أفعالهم وسلوكهم، وليس عبثًا أو ترفًا بأن توعد الله عزوجل المنافقين بالدرك الأسفل من النار، ولكبر حجم الجرم الذي يقترفه المنافقين تخيل أن الله عزوجل جعل الكافر والفاجر والملحد أعلى دركة من المنافقين في النار .. وأن هذه النار التي أوقدها الله، وأعدها ستسعر هذه الكومة من المنافقين التي ترتدي الأقنعة حسب الحاجة إليها، ويظن المنافقون في كل زمان ومكان أن أمرهم غير مفضوح، والحقيقة أن أمرهم مفضوح ومكشوف لكل مبصرٍ، لكن المُبصرين من حولهم يغضون الطرف عن نفاقهم لأنه لا يعنيهم، ولو كانوا حقًّا غيرَ منافقين لكان لهم وجه ثابت في الحضور والغياب .. وبما أنكم أيها المنافقون توزعون الصكوك على خلق الله عزوجل تبعًا لأهوائكم، وأمراضكم النفسية، وأحقادكم الدفينة، فلماذا تسعون جاهدين لأن تباركوا لمن تصفونهم بالمنافقين على أتفه إنجازٍ يحققونه أو وظيفةٍ يتولّونها أو مركزٍ علمي حصلوا عليه .. تشبهوا ولو لمرّةٍ بالرجال، وانزعوا هذه الأقنعة عن وجوهكم القذرة، وقولوا الحقيقة أو اصمتوا إذا كنتم تخشون من الإشكاليات مع محيطكم، فإنّ في الأمر متسع من الصمت، لكنه النفاق الذي يأبى إلا أن يفضح أصحابه، ويعريهم أشدُّ تعرية، ويعبر عن المرض المنتشر في صدورهم، والنقص الذي يعتري حياتهم، وهذه الكومة لا أدري هل ستبدأ النار بحرقهم قبل أبو لهب أم بحرق أبو لهب قبلهم .. كلا وربي ستحرقهم قبل أبو لهب .. اخجلوا قليلًا يا منافقين، ولا توزعوا الصكوك على خلق الله وتتهمونهم بالنفاق، وأنتم أساتذة في ممارسته، وإنَّ عبد الله ابن أبي سلول لو كان موجودًا في زماننا هذا لوقف حائرًا من هول نفاقكم الذي لا يقرّه شرع، ولا يتقبله عُرف، وإنَّ مردة الشياطين تقف عاجزة عن فعل أي شيء أمام الأقنعة التي تستبدلونها حسب الموقف، فالطوابق مكشوفة، والغرف معدودة، والأبواب معروف ألوانها، والزرافيل التي أُقفلت على قلوب هذه الكومة كانت إيطالية الصنع، لكنها مختومة بختم أهل النفاق، وهنيئًا لكم عظكم بالنواجذ على مقعدكم الأسفل من النار؟. فالمنافقين الذين تنتمون إلى شاكلتهم مقعدهم محفوظ في الدرك الأسفل من النار إن لم يتوبوا من نفاقهم، وينزعوا هذه الأقنعة المقرفة فورًا عن وجوههم بلا رجعة، ويحرقونها بلا عودة، ويتوبوا إلى الله عزوجل بإخلاصٍ .. ولن ينفعكم يومئذٍ مالٌ كثر ولا بنين طالما أن النفاق يجري في عروقكم، ويسري في أرواحكم …!!!