زاد الاردن الاخباري -
أدى اليمين القانونية أمام جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم الخميس السيد محمد سلامة المحاميد، بتعيينه رئيسا لمحكمة التمييز.
وحضر أداء اليمين رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور خالد الكركي.
وكانت الإرادة الملكية السامية صدرت بتعيين المحاميد رئيسا لمحكمة التمييز اعتبارا من السابع عشر من شهر أيلول الحالي.
ووجه جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة إلى رئيس محكمة التمييز أكد فيها الالتزام بصيانة مبدأ الفصل بين السلطات، وبدعم جهود إصلاح وتطوير القضاء كحارس للعدالة يضمن للأردنيين أنهم سواء بمواطنتهم أمام القانون.
وشدد جلالته في رسالته إلى رئيس محكمة التمييز، رئيس المجلس القضائي محمد المحاميد، على جملة من الثوابت والرؤى الهادفة إلى النهوض بالقضاء باعتباره الفيصل في مسيرة الدولة والمجتمع نحو الرفعة والازدهار.
وفيما يلي نص الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم عطوفة الأخ محمد المحاميد حفظه الله، رئيس محكمة التمييز، رئيس المجلس القضائي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فيطيب لنا أن نبعث إليك بتحية عربية هاشمية، ملؤها التقدير والاعتزاز بكم وبزملائكم القضاة والعاملين في جهاز القضاء الأردني، المتميز بأدائه وحرصه على قيم العدالة وصيانة الحق.
وفي مطلع توليك لهذه المسؤولية الوطنية الجليلة، والبناء على ما تراكم من إنجازات لإصلاح جهاز القضاء والارتقاء بأدائه، كرئيس لمحكمة التمييز وللمجلس القضائي، فقد رأينا أن نؤكد رؤيتنا وثوابتنا إزاء هذا المرفق الفيصل في مسيرة الدولة والمجتمع نحو الرفعة والازدهار، منطلقين من قاعدة أن العدل أساس الملك.
وفي صميم محاور رؤيتنا لمسيرة القضاء وعلاقته بمؤسسات الدولة الأخرى، لا بد من التأكيد على التزامنا بصيانة مبدأ الفصل بين السلطات الذي كفله الدستور الأردني ويترجمه قانون استقلال القضاء، وقد جاءت التعديلات الدستورية معززة لهذا المبدأ السامي. ومن ثوابتنا أيضًا دعم جهود إصلاح وتطوير القضاء في سائر الجوانب المرتبطة بالبنية التحتية، وتعظيم قدرة المحاكم وطاقاتها، وتمكين العنصر البشري القائم على تسييرها بالتطوير والتدريب والتمكين المعرفي المستمر.
لقد ظلت رؤية الدولة لسلطة قضائية متطورة ومستقلة ونزيهة حاضرة ومكملة لكل الجهود الوطنية، ونحن نرى أن الجهود الرامية لتعزيز الرؤية الإصلاحية لا بد من تجسيدها بالتأكيد قولاً وفعلاً على أن القضاء هو حارس العدالة، وهو الذي يضمن للأردنيين أنهم سواء بمواطنتهم أمام القانون، وهو المحرك الأساس في ترجمة خططنا الإصلاحية التي تهدف إلى تعزيز التكامل والرقابة بين سلطات الدولة، وهو الدافع أيضاً في جهودنا للإصلاح الاقتصادي وزيادة تنافسية اقتصادنا الوطني، والارتقاء بالأردن دولة قانون يطمئن المستثمر لعدالة القضاء فيها، وفق أفضل المعايير العالمية.
وعلى امتداد مسيرة المسؤولية التي نفخر بتحملها، وحتى تستمر مسيرة النهوض بالمؤسسات القضائية في الاتجاه الصحيح، لا بد من التركيز على سرعة إقرار قانون استقلال القضاء الذي يضمن تعديلات تدعّم استقلاله وشفافيته ونزاهته، بالإضافة إلى تعزيز مكانة القضاء عبر حصر تعيين القضاة بالمجلس القضائي فقط، دون أي سلطة أخرى، وفق معايير شفافة ومحددة تعتمد الكفاءة والتنافسية، وفقا لما تضمنته التعديلات الدستورية، فضلا عن استكمال درجات التقاضي في القضاء الإداري إلى درجتين، تجذيرا لهذا الركن الأساسي في عدالة التقاضي بين الأفراد والمؤسسات.
ومن أجل تعزيز قدرات الأجهزة القضائية والارتقاء بمؤسساتها، نؤكد على أهمية رفدها بالكوادر البشرية والاحتياجات الفنية التي تضمن تعزيز قدرات العاملين في المنظومة القضائية خدمة للمواطن الأردني وتحقيقا للعدالة، وسنستمر في دعمنا لكم للتمكن من توظيف أحدث الوسائل والآليات التقنية المرتبطة بالعمل القضائي، وفي مقدمتها التوسع في نظام الحوسبة والربط الإلكتروني بين المحاكم والمؤسسات ذات العلاقة، وشمول هذا النظام جميع المحاكم، وصولا إلى تعامل إلكتروني دقيق وكفؤ من قبل الكادر القضائي.
كما لا بد من التذكير بأهمية دعم مرافق القضاء وتوجيهها لتعظيم جهودها وقدراتها لضمان فصل سريع للنزاعات، يحمي استقرار أحوال المتقاضين، ويرتبط بهذه الجهود ضرورة إعادة النظر في بعض التعديلات التشريعية الناظمة للعمل القضائي ومواءمتها مع التعديلات الدستورية والتي من شأنها تسريع الفصل في الدعاوى، والإسراع في تنفيذ الأحكام، وتخفيف العبء عن محاكم الاستئناف والتمييز بتحديد نوعية القضايا التي تنظرها.
إن الارتقاء بالعمل القضائي يتطلب تفعيل دور التفتيش القضائي والقائمين عليه، ورفده بالكادر المؤهل. كما نذكّر هنا بأهمية تكريس مبدأ التخصص لدى القضاة، فالتطورات المتسارعة في مجالات التجارة العالمية والبيئة، والملكية الفكرية، ومحاربة الفساد، والعنف الأسري، تتطلب معرفة متخصصة وشاملة ومتوافرة في جميع المحاكم، ما يضمن تراكم الخبرات ورفع نوعية الأحكام.
لقد أولينا العنصر البشري في القضاء اهتمامنا المبكر عبر دعمنا المستمر لبرنامج قضاة المستقبل، ونشير هنا إلى ضرورة الاستمرار في دعم وتنفيذ هذا البرنامج الطموح الضامن لتواصل الخبرات القضائية وتراكمها، بالإضافة إلى إعطاء الأولوية لتدريب القضاة العاملين، وإيفادهم في بعثات علمية متقدمة ومتخصصة لتحصيل أعلى درجات التخصص والممارسة والاطلاع والاستفادة من أفضل التجارب الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى تمكينهم من اللغات الأجنبية والاستفادة من التجارب العملية لأكثر الأنظمة القضائية العالمية تقدماً. وندعوكم للعمل بكل جد وسرعة لرفد الجهاز القضائي والنيابة العامة بالكادر الضروري والمؤهل، لتحقيق التوازن في عدد القضايا التي ترد إلى المحاكم وعدد العاملين فيها.
إن المحاور السابقة تمثل رؤيتنا الداعمة للسلطة القضائية ومرافقها والعاملين فيها، وسنمضي قدما وبكل عزم، وبهمتكم وزملائكم ورؤاكم النيرة، لتعزيز أداء هذا الجهاز الحيوي، خدمة لشعبنا العزيز، وصونا لعدالة ونزاهة القضاء.
فبارك الله بكم، وبزملائكم حرّاس العدالة، ووفقكم في جهودكم خدمة للوطن والمواطن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان في 1 ذي القعدة 1432 هجرية الموافق 29 أيلول 2011 ميلادية