أَحْجَارٌ تَحْتَ قُبَّةِ البَرْلَمَانِ
الكاتب : منتصر بركات الزعبي
Montaser1956@hotmail.com
يقولُ الرافعيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - : ( لا يُعذِّبُ فاقدَ الفضيلةِ شيءٌ , مِثْلُ رُؤيَتِها في غيره , وأنَّه لا يستطيعُ تحقيقَها في نَفْسِه ) .
تذكّرتُ هذهِ الكلماتِ الرائعةِ لأديبنا الكبيرِ , وأنا أتابع التصويتَ المُعيبَ والمُخجلَ على قانون [ مكافحة مَنْ يكافح الفساد ] في مجلس الغُمَّة , وهم يمنحون الحكومةَ صكوك الغفران , لتأصيل وتحصين الفسادِ وتغوُّل المُفسدين , فقلتُ : إنّ أصحابَ المنكرِ يألمون من أصحابِ الفضيلةِ , وهم يتربعون على عرش فضيلتهم .
فمكافحةُ الفساد من أهم الفرائض في ديننا الحنيف , لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أمر بذلك في كتابه العزيز , صيانةً وحمايةً للمال العام , من أن تَطالَه الأيدي ألاثمة , فلا يجوزُ ولا بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ حمايةُ الفاسدين وشرعنةُ قوانينَ تحميهم , فهل يعقل أن يكونَ جزاءُ مَنْ يأمرُ بالمعروف , وينهى عن المنكر , ويرشد الناس إلى فعل الخير , أن يُغرَّم ثلاثةَ أضعافِ مَنْ يتطاولُ على الأنبياء والمرسلين , أو يُزجَّ بهم في السجون , بينما أصحابُ الفسادِ يسرحون ويمرحون ؟ !! . وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) [البقرة:11-12].
إن الحُجّة الواهية , التي يتجاسرُ ويتبجحُ بها مؤيدو القرار , أنهم يَرَون فيه اغتيالاً للشخصية , ومن هي تلك الشخصية يا تُرى ؟ هذا ادّعاءٌ باطلٌ وغيرُ صحيح , ألا فليعلم هؤلاء أنَّهم بقرارهم هذا قد اغتالوا وطنًا بأكمله .
فلماذا يخلطون الأوراق ؟ لماذا لا يتكلمون الحقيقة ؟ لماذا الكذب والدجل ؟ لماذا لا يقولون : إنّنا نريدُ أن نحميَ أنفسَنا أولاً ثم غيرَنا ؟ من أنْ تطالَنا يد العدالة , كي يكونَ الوطنُ مستباحًاً لعصابةِ علي بابا والأربعين ألف حرامي .
هل تظنوننا أنَّنا مجردُّ قطيعٍ من المغفلين , ومجلسُ النواب راعينا , ومنفيون نمشي في أراضينا , ونحملُ نعشَنا قسرا بأيدينا , لِنُساقَ لمشاهدة تمثيلياتكم الساخرة على مسرحكم الخائب ؟ كفاكم تمثيلا , فالبطل قد مات... قد مات !!
إنكم تروّجون لنا كِذبةً صلعاءَ أكثرَ من أخواتها , هل تظنون أننا ما زلنا نًصدقكم في كِذبتكم - الإصلاح - ؟ إنّها أوهام عششت في عقولكم انتم وانتم وحدكم.
إنها الجريمة الكُبرى التي سيُسجلُها التاريخُ عليكم بحروفٍ كُتِبت من وحلِ مًستنقع السرقة , والفساد , واستغلال النفوذ , يا مجلس التسالي , لأنكم زوَّرتم إرادةَ الشعبِ , كما هي حالُكم , وفاقد الشيء لا يعطيه .
فيا نواب 111 اعلموا أن يوم الثلاثاء 27/9/ 2011هو يومً عارٍ في تاريخكم النيابيِّ , فلا تذكروا أنكم نوابٌ للأمةِ بعدَ اليوم , ولا تتشدقوا بأنّكم ممثلون لهذا الشعبِ , لأنّكم أصبحتم عدّوه الأول .
ولا تتكلمـوا إنّ الكلام محــــــــــــــــرم نامــوا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النـوم
وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتقدموا ودعوا التفهم جانبا فالخير ألا تفهموا
إنّكم دنّستم طُهرَ الألفاظ ونقاءَها , حين تلوكونها في أفواهكم , لا تحتفلوا بيوم السابع والعشرين من أيلول الأسود بل اطووا صفحته , فهو يوم اسود في تاريخكم الأسود , الملطخ بالعار, لأنكم لم تعودوا خليقين بهذا المكان - مجلس النواب - ولا تتباهوا بقراراتكم فما هي إلا فستق فاضي . أليوم سيكتب التأريخ عنكم أنكم خسرتم كل شيء , حتى الاحترام .
مَنْ يقبلُ من الشعب أن يكونَ له هكذا مجلس نواب ؟ كيف نضع مقدراتِنا وحياتِنا في يد حِفنةٍ من المغامرين المقامرين المتسلّين بمصير الشعب , التي قادتنا نحو الدمار من أجل أطماعٍ شيطانيةٍ وتطلعاتٍ شخصيةٍ وأغراضٍ وصولية ؟
هم يزعمون بأنهم يحاربون الفساد ، مع أن الحقيقة تقول عكس ذلك .
اللهم لا اله إلا أنت , إليك وحدك نرفع شكوانا , واليك وحدك نبعث رجانا, اللهم عز الناصر والنصير , وأنت أنت وحدك ولينا , وأنت النصير, اللهم أنت الأمل والرجاء , وأنت مولانا , ولا مولى لنا سواك , اللهم إنّا نرفع شكوانا إليك , فقد خذلنا أهلنا , وتخلى عنا أمراؤنا , وعز نصراؤنا , وكثر المخذِّلون وقلّ المؤيدون فحسبنا أنت ونعم الوكيل , يا الله كلنا يدعوك بدعاء عبدك ونبيك نوح - عليه السلام - وكلنا يناديك إني مغلوب فانتصر إني مغلوب فانتصر .