زاد الاردن الاخباري -
لا بد أنك واجهت مرة على الأقل تقييد خوارزميات الفيسبوك لحسابك الشخصي أو منشورك إذا ما تضمن كلمات مثل "شهيد" أو "مقاوم" أو غيرها من الكلمات المفتاحية التي تعبر عن القضية الفلسطينية، أو واجهت تحذيرا لشطب منشورك إذا ما تحدثت فيه عن اليهود أو قضايا الإسلاموفوبيا أو الإرهاب.
فكيف تعمل خوارزميات الفيسبوك وخوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام؟ وهل هناك جهود عربية مضادة لوقف هذه السياسات؟
الأردن يرفع لواء التفاوض مع شركات الإعلام الدولية
يجيب على ذلك وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول قائلا إن الدول العربية تأخرت في تنظيم علاقتها مع شركات الإعلام الدولية، وخاصة تلك التي تقود مواقع التواصل الاجتماعي، حيث سبقها الاتحاد الأوروبي عام 2018، وألمانيا وكندا، الذين باشروا في فرض رؤيتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتا أن الأردن بادر في الدعوة لتأسيس فريق عربي للتفاوض مع هذه الشركات لتنظيم هذه العلاقة قبل نحو ثلاث سنوات.
واجتمع الفريق في أول لقاء له في عمان الشهر الماضي، فيما كشف الشبول لـ حسنى اليوم، الاثنين، أن الفريق العربي المعني بالتفاوض مع شركات الإعلام الدولية برئاسة الأردن، سيجتمع اجتماعه الثاني من نوعه في السعودية مطلع الشهر المقبل على أبعد تقدير، لإقرار الاستراتيجية التفاوضية العربية تمهيدا للبدء الفعلي في خطوات التفاوض مع هذه الشركات.
175 مليون مشترك عربي عبر الإنترنت
ويشدد الشبول القول إن المشروع العربي للتفاوض مع الشركات الكبرى ليس له علاقة أبدا بتقييد الحريات العربية، بل على العكس من ذلك، فإن هدفه الأول هو استعادة الحقوق العربية من المنصة، واحترام المحتوى العربي بعدم إهانة الشعور والثقافة والهوية العربية والدين الإسلامي والقضية الفلسطينية، سواء من خلال حجب المنشورات أو تقييدها أو اعتبارها أمرا مرفوضا وغير مباح.
ويقدر عدد المشتركين من الدول العربية في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة بنحو 175 مليون مشترك، ما يشكل ورقة ضغط كبيرة على هذه الشركات.
ويضرب الشبول مثالا حول ضرورة التواصل مع هذه الشركات للتفاهم والتفاوض، حيث أن الدول العربية لم توصل حقيقية صوتها تجاه أعمال حرق المصحف الشريف والذي تعتبره منصات التواصل الاجتماعي حرية رأي، بينما تعتبره الدول العربية والإسلامية تعديا صارخا على الديانات السماوية وأمرا محرما، لافتا بأنه سيتم العمل على إيصال الصوت العربي والإسلامي لهذه الشركات بكل هدوء ليتم أخذها ضمن المعايير والخوارزميات التي تنفذها في مواقع التواصل و خوارزميات الفيسبوك أيضا.
الدول العربية تسعى لفرض ضريبة رقمية
ولا يتوقف الأمر عند التفاوض لأجل القضايا المحورية العربية فقط، يقول الشبول، بل إن العائدات التي تحصلها هذه الشركات تجاوزت الحكومات بشكل غير عادل ومنصف، حيث سيسعى الفريق العربي إلى التفاوض مع هذه الشركات لفرض ضريبة رقمية على الإعلانات التي تستهدف فيها المستخدم العربي، وصرف هذه المستحقات على الإعلام العربي الخاص لدعمه وإحياء النشاط الإعلامي لصالح الحكومات العربية.
ويكشف الشبول أن السوق الأردني منفردا يقوم برفد شركات الإعلام الدولية بـ 81 مليون دينار سنويا بحسب إحصائيات البنك المركزي، عدا عن مليارات الدولارات التي تخرج من الأسواق الخليجية لصالح هذه الشركات التي تتعدى الحكومات. ومن واقع هذه الأرقام، أكد الشبول أن من حق الحكومات العربية فرض ضريبة رقمية على هذه الشركات.
من وراء خوارزميات الفيسبوك ؟
ويتبادر إلى الأذهان سؤال؛ من وراء خوارزميات الفيسبوك ومجمل مواقع التواصل الاجتماعي والتي تفرض سياساتها من حيث المباح والمحظور، خاصة تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية ؟
يقول عبد الرحمن الحسامي -مؤسس شركة مكانة 360 وهي شركة رائدة في تقديم خدمات تحليل البيانات ودراسة المجتمع- إن العديد من العاملين في شركات الإعلام الدولية يحملون الرواية اليهودية أو الاسرائيلية بل إن العديد منهم كانوا موظفين داخل مؤسسات الدولة الاسرائيلية، وإنه بتوظيفهم أصبح هناك أشبه باللوبي للرواية الاسرائيلية داخل هذه المنصات الكبرى، ما يساهم في اتخاذ قرارات الحظر لكل ما هو في صالح القضية الفلسطينية. ويتأسف الحسامي أن الوطن العربي مقصر ومتأخر في تشكيل لوبيات مضادة لهذا اللوبي داخل هذه الشركات.
وقامت شركة مكانة 360 مؤخرا بإجراء دراسة حول محتوى القضية الفلسطينية؛ كقضية القدس أو حي الشيخ جراح أو أحداث مخيم جنين الأخيرة، ومدى تفاعل منصات التواصل الاجتماعي معها، حيث بينت الدراسة أن هذه الأحداث تصبح حديث المنصات "ترند" لمدة يوم واحد ليصار لاحقا إلى انخفاض التفاعل بشكل حاد، بحسب ما بين الحسامي الذي أكد أن ذلك لا يعود لتعامل الخوارزميات معها فقط وإنما فعل متعمد من قبل القائمين على هذه المنصات.
1% نسبة وصول المحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية
ويوضح الحسامي آلية عمل خوارزميات الفيسبوك ومنصات التواصل، مبينا أن نسبة الوصول الطبيعية المسموحة لكافة المنشورات تقدر بـ 20%، فيما يتم تخفيض هذه النسبة لنسب أقل من ذلك بكثير وقد تصل إلى 1% إذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو القضايا العربية.
ويضيف أنه رغم تفاعل ناشطي مواقع التواصل من الدول العربية مع قضاياهم إلا أن الخوارزميات تقوم بحرمانهم من التفاعل التلقائي وتخفيض نسبة وصول هذه المنشورات لبعضهم البعض، كما يتم أحيانا تغليب موازين قضايا أخرى عبر المنصات بما يتسبب بغياب القضايا الرئيسية " الترند"، حيث يتم استخدام فرق ولجان متخصصة في نشر أخبار مضادة خاصة في أمريكا والدول الأوروبية والأجنبية، لتظهر الأخبار المتعلقة بالقضية الفلسطينية على غير حقيقتها.
دول تحجب كل ما يناهضها عن "التايم لاين"
ويؤكد الحسامي أن شركات الإعلام الدولية قابلة للتفاوض، وأنها شركات تقبل توقيع اتفاقيات على المستوى الدولي فيما يتعلق بالمحتوى، لافتا أن كل من بريطانيا وتركيا قد وقعوا ما يسمى بـ "جيو لوكيشن بلوك"، وهو عدم إظهار أي منشورات مناهضة للسلطة أو لا تصب في مصلحتها على "التايم لاين" للمستخدمين من داخل الدولة. وباستخدام هذه التقنية، يصبح المحتوى المتعلق مثلا بالأخبار التي تقع ضد إسرائيل لا تظهر للمستخدمين داخل الأراضي المحتلة، وكذلك المناصر للقضية الفلسطينية، يقول الحسامي.
وفي ظل هذه التقييد الممنهج والحقائق التي تكشفت، يبقى السؤال: هل سينجح الفريق العربي في حربه لاستعادة الحقوق العربية المنتقصة في عالم الإنترنت؟