أ.د رشيد عبّاس - لكل مجتمع من مجتمعاتنا التقليدية, تجد أن هناك تعامل معين مع تنكة زيت الزيتون, وتجد أيضاً أن هناك فلسفة وطقوس معينة في طريقة التعامل مع هذه التنكة, فالبعض يتركها ثابتة دون أية حركة في احدى زوايا المطبخ مدة من الزمن كي تركد, والبعض الآخر يقوم بتغيير مكانها بين الفينة والأخرى من مكان إلى آخر عن قصد كي لا تركد.
حين تستقر تنكة زيت الزيتون بعد الحصول عليها لمدة من الزمن, يمكن لنا تقسيم أجزاءها من الداخل إلى ثلاث طبقات حسب الكثافة على النحو الآتي: طبقة صفراء صافية نقية تقع في الثلث الأعلى من التنكة, وطبقة بنيّة مائعة داكنة تقع في وسط التنكة, وطبقة عكرة سوداء قاتمة تقع في الثلث الأسفل من التنكة.
الحقيقة التي لا تقبل الشك أن تنكة زيت الزيتون بعد خروجها من المعصرة في بادئ الامر تكون منسجمة من حيث الكثافة, وذات طبقة واحدة وقوام واحد من حيث اللون والمذاق واللزوجة.. لتبدأ بعد مدة من الزمن ودون تحريك من تشكل طبقاتها الثلاث الصفراء الصافية, والبنية المائعة, والسوداء العكرة.
المقاربة الجميلة هنا أن أكبر كاشف لهذه الطبقات الثلاث المتشكلة بعد مدة من الزمن ودون تحريك هي مادة اللبنة المصنوعة من الغنم, حيث أنك تستطيع ببساطة ومن خلال زيت الزيتون الذي يوضع على مادة اللبنة, تستطيع أن تحدد بالضبط هل هي متحركة في البيت أم انها ثابته, وتستطيع أيضاً أن تحدد لأي طبقة من الطبقات الثلاث وصلت إليها تنكة زيت الزيتون عند الأسرة.
ومع وجود علم (الجلفنة) اليوم للتنك من الداخل وذلك لمنع وقوع الصدأ, إلا أن هذا العلم لم يشفع تشكل الطبقات الثلاثة من زيت الزيتون داخل التنكة إذا ما بقيت راكدة, وبعامل الكثافة نجد أن الطبقة العكرة القاتمة تستقر دائماً في أسفل التنكة, وتعلوها الطبقة البنيّة الداكنة, ومن فوقها الطبقة الصافية النقية.. مع وجود الجلفنة.
جماعة زيت الزيتون ثلاث, فئة تعمل على ترك تنكة زيت الزيتون يركد كي تتشكل طبقاته الثلاث في التنكة, وفئة ثانية تعمل على تحريك تنكة زيت الزيتون قليلاً كي لا يركد الزيت كثيراً وكي تتشكل معالم بسيطة لطبقاته الثلاث في التنكة, وفئة ثالثة تعمل على بقاء تنكة زيت الزيتون في حركة مستمرة ومتنقلة في البيت كي لا تتشكل طبقاته الثلاث في التنكة.
انا بكل صراحة مع مبادئ الفئة الثالثة, والتي تعمل على بقاء تنكة زيت الزيتون في حركة مستمرة ومتنقلة في البيت, كي لا تتشكل طبقاتها الثلاث في التنكة, ووجهة نظري في ذلك واضحة ونابعة من أهمية وضع زيت الزيتون على مادة اللبنة المصنوعة من الغنم, وأن مادة اللبنة المصنوعة من الغنم كاشف جيد لطبقة الزيت التي وصل إليها زيت الزيتون في التنكة.
بقاء تنكة زيت الزيتون في حركة مستمرة ومتنقلة في البيت, ضروري كي لا نخسر ثلث كمية الزيت..
وبعد..
مشكلتنا مع الطبقة العكرة السوداء القاتمة التي تقع في الثلث الأسفل من التنكة.