يذهب الفكر الإسرائيلي باحتساب المكاسب السياسية والأمنية لمكان خاطئ، بعيد كل البعد عن الصواب وما يجب اتباعه لغايات تحقيق أمن وسلام حقيقي لصالحه ولصالح المنطقة والعالم، ففي الإصرار على تنفيذ الانتهاكات في المسجد الأقصى والتطرّف بذلك لدرجة الاعتداء على حرمة المقابر الإسلامية، في ذلك تذهب إسرائيل لما هو أبعد من العنف والظلم والتطرّف .
لن يحصل السلام وهذه الانتهاكات مستمرة، هذه الانتهاكات التي ترقى دون أي نقاش لجرائم الحرب، سيما وأن الاحتلال الإسرائيلي، يصرّ ويوميا على ارتكاب جرائمه دون الأخذ بأي آراء أو مواقف أو مراعاة لأي قوانين في كل ما يقوم به، ليحدث أن تزداد الانتهاكات ويعلو مؤشر الظلم وتنعدم فرص السلام العادل.
ومن جديد بالأمس اقتحم المتطرفون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وتم السماح لهم بممارسات استفزازية تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك/ الحرم الشريف والمقابر الإسلامية تحت حماية من الشرطة الإسرائيلية، وبطبيعة الحال في كلمة «من جديد» تأكيد على أن هذه الانتهاكات والاستفزاز ما يزال مستمرا ليس جديدا، لكنه مستمر، وبوسائل أكثر انتهاكا وأكثر تطرفا، فلم تعد الاقتحامات تقف عند هذا الحدّ، إنما يرافقها ممارسات استفزازية داخل الحرم، وفي محيطه، وفي المقابر الإسلامية المجاورة له، والتي تعد وقفاً إسلاميا، لتبدو هذه الأحداث التي أدانها الأردن بشدّة، تبدو غاية في الانتهاك والإجرام.
كما توعّد المستوطنون تكثيف الاقتحام اليوم الإثنين، لإحياء يوم الغفران، بمعنى أن الأذن الإسرائيلية لا تسمع سوى صوتها وصوت إجراءاتها التي لم تعدّ قابلة لإغماض العين عن خطورتها، وتنذر بمزيد من التصعيد، ولا بد من وقف ما يحدث وإجبار إسرائيل على كفّ يدها ويد ظلمها عن المقدسات والمقدسين، وكما جاء في الإدانة الأردنية أمس ما تقوم به إسرائيل «خرقٌ فاضح ومرفوض للقانون الدولي، وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها»، وهذه «الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المقدسات بالتزامن مع الاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي الفلسطينية المحتلة يُنذر بالمزيد من التصعيد، ويمثل اتجاهاً خطيراً يجب وقفه فورا»، ودعوة الأردن بأن تكف إسرائيل «عن جميع الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، واحترام حرمته، مجددا التأكيد أن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، بكامل مساحته البالغة 144دونماً، هو مكان عبادة خالص للمسلمين».
ما يحدث في فلسطين والقدس من انتهاكات لا تتوقف، وتصعيد مستمر، واستفزازات ظالمة، تطال ما فوق الأرض وما تحتها، يشكّل خطرا حقيقيا يطال العالم بأسره، ويضع المنطقة على فوّهة بركان من أحداث لا تعرف سوى ردات الفعل، لما يحدث، فمن حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم، وحماية مقدساتهم ووطنهم وحتى موتاهم، وهو ما تدير ظهرها له إسرائيل بإصرار على المضي بذات الدرب مجعّد التفاصيل، دون الأخذ بأي حقوق أو قوانين أو قدسية لمسجد أو حرمة مقابر، ما يجعل من القادم خطيرا بحجم جرائم إسرائيل في القدس وفلسطين، فهي إسرائيل التي تنتهك ما فوق أرض القدس وما تحتها.