كتب زهير العزه
الاردني في مختلف مواقعه وأعماله البعيدة عن الوظيفة في المؤسسات الحكومية يطالب ومنذ زمن بعيد أن تصاب الحكومات أو المسؤول الحكومي فيها بمرض "الاستيقاظِ" الوطني ، وان تتحسس المجموعة المفوضة بإدارة الدولة أطرافها .. فالشعب لم يعد يحتمل ، وأخذ يبحث لهذه المجموعة عن مؤسسة مختصة بالموتى تقوم بدفنها "وطنيا" لانها لم تحترم تعهداتها أمام البرلمان ولم تف بالقسم الذي تم أمام جلالة الملك الذي عنوانه خدمة الوطن والعرش، فيوم يقصرالوزير في أداء واجبه أو يقصر هذا المسؤول أوذاك ، هو يوم أسود بإنعكاساته السلبية على حياة المواطن .
واليوم والهُوةُ تكبُرُ بين شعبٍ مسحوقٍ وسلطات حكومية متعاقبة مسؤولة عن كل ما وصل اليه المواطن من سوء حال وأحوال، نجد أن بعض المسؤولين في هذه الحكومة من وزراء أو أمناء عامين أو من المعينين كروؤساء مجالس إدارة من بعض الوزراء السابقين الفاشلين وبعض المدراء العامين، يمارسون الغش والخداع وتزوير الحقائق ويمنعون المكاشفة والمصارحة مع صاحب القرار ومع المواطن ، ويستخدمون بعض الاعلام الذي سقط في اللعبة أو أرغم على اللعب ، وجعلوا ويجعلون من مسيرة إنتاجهم "الشو" الاعلامي كوسيلة لتلميع أنفسهم أمام صاحب القرار وصناعه في البلاد ، وذلك تغطية للفشل الذي يعانون منه وينعكس على الوزارات والمؤسسات أو الشركات التابعة للحكومة والتي يقودوها هؤلاء حيث أصبحت ذات رائحة عفنة ، و تزكم الأنوف ، بل هي تؤدي بشكل مقصود أو غير مقصود، إلى شراء العداء مع الأردنيين سواء كانوا من العاملين في هذه المؤسسات، أو حتى من المواطنين المتعاملين معها . قبل سنوات كنت أجلس انا ودولة الرئيس الصديق الدكتور معروف البخيت في منزله، وقد تطرقنا في ما تطرقنا اليه من اطراف الحديث عن تشكيلات الحكومات في الاردن وكيف تتم ، فقال الرجل وبكل صراحة ان مشكلتنا هي التدخلات التي تتم بعد ان يكلف شخص ما بتشكيل الحكومة ، حيث تكثر الاتصالات من هذه الجهة او تلك بما يربك عمل الشخص المكلف خاصة عندما يقول لك ان المرجعية العليا في البلاد ترغب بفلان كوزير في الحكومة، وقد يكون بعضها صحيحا ومهما، لكن في الغالب تكتشف أن من نقل اليك المعلومة قد إستغل قربه من صاحب القرار وعين أحد "المحاسيب عليه" مستغلا إخلاصك للعرش وانك تصدح للأوامر الملكية ، وهذا دائما ما يدفع بالفاشلين الى موقع متقدم في الجهاز الحكومي "وزير او مدير او أمين عام وغيرهم...! كما وروى لي حينها كيف يمارس أحد كبار رؤساء الاجهزة الضغوط لمنع تعيين الدكتور عمر الرزاز مديرا للضمان ، والمهندس موسى ضافي الجمعاني مديرا لسلطة وادي الاردن وذلك لأن والديهما هم من المعارضين التاريخيين ... فقلت له عليك ان تصر على قرارك إذا كانت اللجنة المشكلة لفحص هؤلاء قد نسبت بالقرار الصحيح.. وهذا ما تم فعلا وتم تعينهما ، ما أدى الى أن يستشيط ذلك المسؤول بالغضب ويبدأ بتدبير المؤامرات للرئيس معروف البخيت في عدة جوانب ... وقد قمت بالكشف عنها في برنامج "ع المكشوف" الذي كنت حينها أقدمه على قناة سفن ستارز.
المصيبة اليوم هي نفسها تتكرر مع المعينين من المسؤولين ، وزراء كانوا أو أمناء عامين أو رؤساء مجالس إدارة ، أو المدراء العامين من خلال الضغوط ، فيدخلون الى المواقع المتقدمة وهم مصحوبين باهازيج من المطبلين "إبتعدوا من طريق الدون كيشوت" ولتكتشف بعد فترة وجيزة ... انهم يحولون المؤسسات التي يتقلدون فيها موقع المسؤول الاول الى مصانع لانتاج الكلام والشعارات في إطار معارك طواحين الهواء.... معارك لا رابح فيها... والخاسر الأكبر كان وسيبقى الوطن والمواطن طالما ان اسلوب تعيين هؤلاء يسير بنفس الاتجاه والطريقة القائمة على لغة الحسابات الخاصة و الحصص و التعطيل لمشاريع الاستثمار كما حصل مع مستثمرين تم هروبهم بسبب سطوة هذا المسؤول الذي ابتز او حاول ابتزاز هؤلاء المستثمرين .
اليوم ونحن نشاهد بعض المسؤولين وهم ينقبون خارج الإطار، من أجل تحميل موظفي القطاع العام الصغار مسؤولية الفشل الذي تم في البلاد، ويكيلون لهم براميل من الإفتراءات ، نستغرب لماذا لا تتحرك جهة ما لتحميل المسؤولين عن الفشل او النهج الذي أوصل هؤلاء الى المواقع المتقدمة المسؤوليات ومحاسبتهم عما ارتكبوا بحق الوطن والمواطن ، فلا يجوز الاستمرار بوضع المساحيق لتجميل كل ما ارتكبه المسؤولين ونبقى نجلس على الكرسي كمتفرجٍ على سقوطِ الناسِ في الهاوية، فالتجربة اثبتت ان نهج التوليفات الوزارية القائم على المحاصصة والجهوية والتنفيعية والشللية ،لم يستطع أخذ البلاد الى مسار صحيح ، بل على العكس من ذلك وصلنا الى حالة "البلادة" في السياسة والاقتصاد والاجتماع والمال، وانعكس كل ذلك على الحالة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بطالة وفقر وجوع وعنف مجتمعي سببه الفقر ، وبالتالي من حقنا كمواطنين ان نسأل كل "مدمني السلطة " ماذا فعلتم بالبلاد ؟ وأن نسال ماذا أصلحت الحكومات المتعاقبة ؟