إن الموقع الجغرافي المميز الذي يتمتع به الأردن في قلب القارات الثلاثة سينعكس يوماً على إقصاده , فبعد أن كان الأردن بعيداً عن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين عام 2013 , ضمن خطة صينية إستراتيجية لإكتساح العالم إقتصادياً للعقود القادمة بموازنة قدرت حتى عام 2049 ب26 ترليون دولار, فقد إزدادت مساحة التفاؤل والأمل في الأردن من جديد بفضل قيادته الهاشمية وما قام به جلالة الملك من زيارات سابقة متكررة للحليف الأقوى وهو الولايات المتحدة ووضع الملف الإقتصادي الأردني أمام طاولة الرئيس بايدن في البيت البيض ,إضافة إلى العلاقة القوية التي تربط جلالته بدول الخليج العربي وتفهم الأخوة في الخليج العربي لما يعانيه الإقتصاد الأردني خصوصاً في ظل المتغيرات العالمية الجديدة, أتت الأخبار السارة من قمة العشرين في الهند حينما أطلق الرئيس الأمريكي بايدن مع الشركاء مشروع "الممر" أو "الجسرالرقمي والأخضر" أو "طريق التوابل" لربط الهند ودول شرق وجنوب آسيا بأوروبا عبر الشرق الأوسط وبالذات مروراً بالأردن عن طريق البر, من خلال شبكة السكك الحديدية المنوي إنشاءها في السعودية والإمارات وعُمان ,لتتجه بعدها إلى ميناء حيفا ليتواصل الشحن البحري بالإتجاهين إلى اليونان وبعدها إلى أوروبا بأكملها.
كيف سيستفيد الأردن من هذا المشروع؟
إن الإستفادة من هذا المشروع تكمن بما يلي:
1- إنشاء خطوط سكك حديدية تعبر المملكة بطول يتراوح من 200 إلى 250 كلم من الجنوب الشرقي للمملكة حتى الشمال الغربي وهذا الخطوط ستنقل البضائع بالإتجاهين من آسيا إلى أوروبا وبالعكس .
2- سيرافق خطوط السكك الحديدية إنشاء نقاط لوجستية للتحميل والتنزيل والتخزين وتطوير للمناطق والقرى والمدن التي سيمر فيها أو يكون قريباً منها.
3- سيرافق خطوط السكك الحديدية إنشاء شبكة إتصالات ومعلوماتية رقمية تخدم المناطق التي سيمر فيها أو يكون قريباً منها.
4- سيرافق خطوط السكك الحديدية خطوط لنقل الكهرباء إلى أوروبا .
5- سيتم تطوير المناطق التي يمر منها خطوط السكك الحديدية من تأمين الخدمات المختلفة لخدمة هذه الخطوط .
6- سيتم إنشاء مشاريع كبرى للهيدروجين الأخضر في جنوب الأردن وإسالته ونقله من خلال خطوط سكك الحديد إلى أوروبا وآسيا, ومشاريع أخرى للطاقة الشمسية النظيفة لخدمة وتشغيل هذه الخطوط.
7- سيتم إنشاء مشاريع وصناعات مثل صناعة سماد الأمونيا الأخضر والمواد الكيميائية مثل الميثانول الذي يعتمد على طاقة الهيدروجين ونقلها إلى أوروبا وآسيا.
8- سيتم تبادل البضائع الآسيوية خصوصاً مع الهند ودول شرق آسيا من خلال هذه الخطوط.
9- سيتم تبادل البضائع مع الخليج وخصوصاً السعودية والإمارات وعُمان من خلال هذه الخطوط.
11- سيتم تبادل البضائع مع أوروبا من خلال هذه الخطوط.
12- إنشاء المكاتب الإقليمية للشركات الأجنبية ذات العلاقة في الأردن ومراكز تدريب وتأهيل .
13- تنشيط الحركة السياحية الإقليمية وخصوصاً مع الأردن .
14- نقل بضائع سوريا وتركيا التي تصدرها وتستوردها مع شرق وجنوب آسيا وكذلك بضائع العراق التي تصدرها وتستوردها مع أوروبا من خلال الأردن بإستخدام هذه الخطوط.
15- إنشاء مطار للخدمات اللوجستية قريب من خطوط السكك الحديدية.
16- ستكون خطوط سكك الحديد بديلاً إستراتيجياً لخليج العقبة في حالة حصول إعاقات بحرية للسفن في البحرالأحمر لإستمرار الصادرات والواردات الأردنية.
إذن سيكون هناك إستثمارات في الأردن بمليارات الدولارات, وهذه الإستثمارات ستوفر عشرات الآلاف من فرص العمل, وستسهل تصدير نقل البضائع الإردنية إلى آسيا وأوروبا ودول الخليج وجعلها تنافس عالمياً لسرعة النقل بإختصار زمن الشحن حيث ستستخدم قطارات بسرعات عالية, وكذلك سيعمل المشروع على تخفيض لأسعار السلع المستوردة من آسيا وأوروبا والخليج والتي تشكل 70% من مستورداتنا , بنسبة 10-20% بسبب إنخفاض كلف الشحن بسبب إختصار الوقت, وتعزيز مصادر الطاقة في الأردن وإنخفاض كلفتها , ودعم شبكة الإتصالات وتحسين دخل المواطن في المناطق التي سيمر منها خطوط السكك الحديدية بسبب المشاريع الجديدة التي سيتم إنشاءها لخدمة هذه الخطوط , كل ذلك سيصب في صالح الإقتصاد الأردني وسيحقق نسب نمو مرتفعة ستتراوح من %4-5%, ويقلل من نسب الفقر والبطالة ويسرّع في سداد المديونية , لينعم الأردنيين بمستقبل مزهر إنشاء الله.
الخبير والمحلل الإستراتيجي في السياسة والإقتصاد والتكنولوجيا
المهندس مهند عباس حدادين