زاد الاردن الاخباري -
في الوقت الذي يستعد فيه الكنيست "الإسرائيلي" بعد أيام لمعركة جديدة حول إقرار قانون التجنيد، بدأت الجهات المعارضة للقانون بسلسلة فعاليات جماهيرية حاشدة لمنع إقراره، مع ظهور لافت لأمهات الجنود المنخرطين في الخدمة العسكرية، وتوقع تصويت أعضاء من الائتلاف اليميني الحاكم ضد القرار.
وأكد مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، آيال ليفي، "أن ممثلي الحكومة والأحزاب الحريدية يفترض أن يردوا على الالتماس المقدم (للمحكمة العليا) من قبل حركة (أمهات على خط المواجهة)، الذي يطالب بتطبيق التجنيد الإلزامي (للأجهزة الأمنية) وجيش الاحتلال على جميع (الإسرائيليين)، بمن فيهم المجتمع الأرثوذكسي، وفي حال الحكم لصالحهم سيغير الاتجاه السائد بالقانون المثير للجدل".
وقالت آييليت هاشار سيدوف، مؤسسة حركة "أمهات في الجبهة": "إن الجهود جارية لإنجاز عريضة الحصول على تواقيع (الإسرائيليين) ضد القانون، وقد كلفت الجهود حتى الآن مائة ألف شيكل، ودفعت 240 كل واحدة من الأمهات 400 شيكل كاشتراك شخصي، وكل ذلك بهدف ألا تمنح المحكمة اليهود المتطرفين أي تأجيل آخر في تجنيدهم، حيث تم التأجيل الأول في 2003، واليوم بعد 20 عاما يعود الجدل من جديد".
ونقل التقرير عن وزير الحرب يوآف غالانت قوله: "إن (إسرائيل) تواجه خطراً أمنياً وجودياً، وفي ذات الوقت يواجه (الجيش) أسوأ نقص على الإطلاق في قواه البشرية، لذا من غير المنطقي أن تقرر الحكومة عدم تجنيد مزيد من العناصر، ما يستدعي المساواة بين جميع الإسرائيليين، فيما ذكرت أمهات جنود ذهبوا للخدمة للتوّ أنهن أرسلنهن إلى أمكنة مجهولة مع أشخاص لا يثقن بهم".
وأكد أن "حركة أمهات على الجبهة" بدأت جهودها في نهاية أبريل الماضي، إذ شرعت بها سيدوف بوصولها لمنزل عضو الكنيست الحاخام موشيه غفني لتسليم حفيده أمر التجنيد الإجباري.
كما نظمت مسيرة للأمهات بعربات الأطفال والتوابيت قرب مكتب التجنيد في "تل هشومير"، وشاركوا في المظاهرات التي وصلت أعماق مدينة بيني براك الخاصة بالحريديم، الذين يرفض قادتهم انخراط أبناءهم في جيش الاحتلال.
وفي 16 أكتوبر القادم سيطلب الائتلاف اليميني عند افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، إعفاء شاملا من التجنيد الإجباري.
وأكدت سيدوف أن هناك عشرين ألف أمّ خلفها، وهي مقتنعة بأن الأمهات في المقدمة سيصبحن قوة سياسية، ويطمحن لقيادة الكيان الصهيوني بعقلانية أكثر، ونرى أنه ليس هناك فرصة لتمرير قانون التجنيد الإجباري، مضيفة أن هناك ثمانية أعضاء كنيست من الائتلاف لن يصوّتوا لهذا القانون.
وقالت: "عندما أسست المنظمة عرفت أن الأمهات هن السلّم الذي يمكن النزول به من الشجرة العالية، أنا أشجع الجميع على التجنيد، وإذا لم ينضم اليهود المتطرفون، فستنتهي الدولة، في النهاية، ستسقط على أي حال، لذا أفضل النزول من القارب الآن، فعند الحديث عن التجنيد أريد من الجميع أن يخدموا".
وصدرت هذه الدعوات "الإسرائيلية" المعارضة لقانون التجنيد أمام دعوات مناقضة أعلنها قادة أحزاب اليهود "الحريديم"، الذين هددوا في حال عدم تمرير القانون، الذي يعفي عناصرهم من الخدمة العسكرية، سيسقطون حكومة نتنياهو، باعتبار ذلك أزمة جديدة تعصف بها، بينما ما زالت المعارضة تتحدّاها باستمرار مظاهراتها واحتجاجاتها.
وقد كشف موقع "مفزاك لايف" الإخباري عن رسالة تهديد أرسلها الحاخام الأكبر "ماغور" لنتنياهو، جاء فيها أنه "لا حق للحكومة بالوجود بدون قانون التجنيد"، بزعم أن "الخدمة العسكرية تساوي تعلّم التوراة"، مشترطا "بأن يكون القانون محصنا، وغير قابل للشطب من المحكمة العليا، بحيث يصبح نافذا على الفور".
من جهة أخرى رفض رئيسا حزب "شاس" الحاخام آرييه درعي، و"يهودوت هاتوراه" الحاخام إسحاق غولدكنوبف، أي عرقلة لإقرار القانون، وطالبا بقانون تجنيد جديد قبل مواصلة العمل بالتعديلات القضائية.
كما وجها إنذارا للحكومة قالا فيه، "إذا أرادت الحكومة المضي قدما في التشريع، فهذا مرتبط بإقرارها لقانون التجنيد".
وقال غولد كنوبف في تقرير نشرت صحيفة كالكاليست " أنه "تلقى أمراً من مجلس كبار التوراة، مفاده أنه بدون قانون التجنيد، عليكم الاستقالة من الحكومة، لأنه لن يحصل تأجيل إضافي في التشريع".
تؤكد هذه التطورات أن أياما قليلة تفصل الاحتلال عن الدخول في أزمة جديدة استكمالا لأزمات بدأت ولم تنتهِ بعد.
وتتمثل الأزمة بإقرار قانون التجنيد الخاص "بالمتدينين" الحريديم، بإعفائهم من الانخراط في الخدمة العسكرية بصفوف جيش الاحتلال، ولئن كان عددهم قبل عدة سنوات بصورة طوعية قرابة الأربعمائة طالب في "المدارس الدينية"، فإن الحديث يدور اليوم عن 150 ألفا لا يُجندون في الجيش، وهذه المرة بقانون مصدق عليه من الكنيست.
ويظهر مسح لجولات النقاش العام في الكنيست والمحكمة العليا حول مسألة التجنيد، حجم الخطر الحقيقي لهذه الظاهرة، علمًا بأن العشرات من جولات النقاش السابقة شهدها الاحتلال بمؤسساته التشريعية والتنفيذية والقضائية والحزبية منذ عقود، وقف فيها الجمهور الأرثوذكسي المتطرف وحده في كفة، وبقية مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية في كفة أخرى.
واليوم بات هذا الجمهور يمتلك دعما إضافيا وإسنادا حكوميا من ائتلاف هو الأكثر تطرفا وفاشية.