الكلام من غير كلام
دانـا جهـاد
لما أصبحنا نعيش في هذا الزمان ، الذي ضاعت فيه القيم وانقلبت فيه الموازين ، واختل فيه الميزان ، و تعملق فيه الصغار الأقزام ، وتأقزم فيه العمالقة العظام ، وتسيد فيه المجرمون أبناء الحرام ، وطغي و تجبر فيه الفاسدون اللئام ، وأهين فيه الطيبون الكرام ، وقل فيه الحب والوئام ، وكثر فيه ساكنوا الملاجىء والخيام ، وانعدم فيه الأمن و الأمان ، ومات فيه الخير والسلام ، تقدمت بطلب رجاء الى لساني لكي يتوقف عن قول كل كلام.
لأن الصمت يكون أحيانا هو أبلغ لغات اللسان ، و أفضل من الكلام ، و أحسن إجابة عن معظم التساؤلات العظام ، وهو الحل الأمثل لمعظم المشاكل العالقة الجسام.!! لاسيما أن معظم الناس أصبحوا نيام ، و الكثير منهم لا يفيد معهم حوار و لا كلام !! و لهذا فقد اتخذت قرارا قطعيا بعدم ارهاق لساني بالكلام.
علما أن قراري هذا لايعنى أبدا قلة حيلتي ، أو ضعفي ، أو عجزي عن الكلام !! بل لأني أدركت أن كل مايدور من حولى ؛ لا يستحق مني الكلام ، مفضلة الصمت على كل الكلام .
وأنا حينما قررت التزام السكوت ، وعدم تحريك اللسان !! لم يكن اعجابا مني بالصمت ، ولا خوفا من أي كلام !! وإنما بسبب فهمي الصحيح الآن للزمان ، وبسبب إدراكي لأهم مجريات ما يدور من أحداث في كل مكان .
وبعد أن تأكدت فعلا أن الصمت هو لغة الحكماء ، وأنه رسالة العقلاء ، وأنه التاج المرصع على رؤوس معظم العلماء ويتصف به جميع العظماء. و أنه هو اللغة الوحيدة التي لايستطيع أحد فهمها من الخطباء ولا من الفصحاء ولا حتى البلغاء.
فأنا ياما سألت نفسي مرارا و تكرارا : ماهي الفائدة من كلام لايعقبه سوى كلام ، والذي كله كلام في كلام ؟! وهذا هو ماجعلني مؤمنة بأن الكلام هو كالدواء !! إن أقللنا منه نفع ؛ وإن أكثرنا منه قتل .!!
وأخيرا وليس آخرا ؛ سلامي اليكم جميعا هو آخر الكلام . والسلام
دانا جهاد ـ طالبة جامعية
dana.jehad@hotmail.com