بقلم المهندس مدحت الخطيب - منذ شهر تقريبا والصالونات السياسية والمواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي في الأرْدُنّ منشغلة بالتعديل الوزاري السابع على حكومة بشر الخصاونة، ولكن الغريب في هذا التعديل هو إقحام النواب في بورصة التعديل الجديد، الكل تحدث عن الأسماء التي قد تدخل وقد تخرج، وكالعادة تطرح بعض الأسماء من باب جس نبض الشارع، أو الترويج لشخص حالم هنا وشخص طامح هناك، ولكن في موضوع توزير النواب كأن الأمر مختلفا تماما فلم يُطرح الا اسم النائب عمر عياصرة وزميله الدكتور خير ابو صعيليك دون سواهم، والأشد غرابة أن التهاني والتبريكات سبقت حتى القسم وانهالت عليهم حتى قبل أيام من تقديم الوزراء استقالاتهم بحكم القانون، واشيع أن كلا النائبين تقدما باستقالاتهم من مجلس النواب تمهيدا لذلك، إلا أننا وفي صباح يوم التشكيل تفاجئنا جميعا بمن فينا(النواب أنفسهم) بعدم اختيارهم، والذهاب إلى خيارات أخرى لم تطرح أسمائها على الطاولة من قبل حتى ولو من باب الإشاعة….
على الصعيد الشخصي وما أمتلك من معلومات شبه أكيدة أعلم أن كلا النائبين كان لهم طموح في الوصول إلى الدوار الرابع، وأن وعود كثيرة أعطيت لهما ومنذ شهور حتى إن النائب خير ابو صعيليك تحدث في أحد المقرات وبأكثر من مناسبة أنه لن يخوض غمار الانتخابات البرلمانية مرة أخرى على الغالب ،وأنه شرع في تقديم استقالته من عضوية مجالس الإدارات التي يمثلها ومنها مصفاة البترول تمهيدا لكرسي الوزارة،واعلنها يوم أمسِ عمر العياصرة في مقابلة تلفزيونية بشكل واضح ، الا أذا حدثت تغيرات ودعم جديد قد توصله إلى قُبة البرلمان مرة أخرى وخصوصا أنه اعتمد في الانتخابات الحالية على دعم الإخوان المسلمين ،وأصبح في حكم الموكد أن هذا الدعم قد انتهى لخلافات وقعت بينهما تحتاج الى مقال منفصل للحديث عنها....
يوم أمس تحدث النائب العياصرة بوضوح عن ملابسات التغيير وترك الباب مفتوح للتأويل والتحليل، حاول أن يوصل لنا رسالة وبذكاء إعلامي مفادها أنه لم يستغرب ما حدث معتمدا على المثل القائل (غُلْب بستيرة ولا غُلْب بفضيحة)، وأنه ألقى بالأمر على المرجعيات التي تقود المشهد وتقف خلف ذلك…
بين الرغبة والامتناع والحاجة وضبابية المشهد والحديث عن تعدد المرجعيات والأخذ والرد بينهما، خرج علينا عمر العياصرة في حديثة يوم أمس، فخلط الأوراق من جديد وبعث برسائل واضحة، وبعضها مبهمة تحتاج إلى ترجمان، كرر أكثر من مرة موضوع الباب (الموارب) الذي كان يتعامل به الرئيس معهما، وأنه رغم رغبتة في توزيرهما الا أن الأمر أكبر من ذلك و أن للأمر تبعات تحتاج الى توافقات بين الجميع، وبصراحة لا أفهم كيف للباب أن يبقى (موارب) لما يزيد عن أربع شهور من الأخذ والرد والنقاش دون أن يغلق أو يفتح بشكل كامل، وخصوصا أن الرئيس كأن معجب بمواصفات العياصرة وقدرته على الانضمام الى التشكيلة الوزارية وطبعا هذا ينطبق على ابو صعيليك ….
سأختم بما قاله النائب العياصرة فهو أخطر من توزير النواب أو غيرهم حيث قال، أن تشكيل الحكومات يحتاج إلى مراجعة شاملة داخل أسوار ومكونات الدولة الأردنية، وهنا تجد في حديثة الكثير من الرسائل عنونها من تحت الماء المتحرك بخرمشات سياسية واضحة ، أهمها أن دولة الرئيس صاحب الولاية العامة رضخ في نهاية المطاف لهذه المرجعيات وأنه أتخذ القرار بعدم توزيرهما وأغلق الباب (الموارب) وأنهى الأمر اختصارا لكل جديد قد يعود عليه وعلى حكومته بالسلب …..
حمى الله الأردن أرضآ وملكآ وشعبآ وهيا لهذا الوطن الطيب رجالات بحجم الأرْدُنّ الكبير
كاتب ونقابي اردني