زاد الاردن الاخباري -
التنسيق والإرادة يمكّنان من تجاوز معوقات تطوير القطاع قال الخبير الدولي في مجال التعدين والمقرر في لجنة التعدين في رؤية التحديث الاقتصادي المهندس أيمن عياش إن هناك إمكانات وفرصاً ضخمة في قطاع التعدين في الأردن تنتظر استثمارها.
وفي حديث إلى «الرأي»، أكد عياش أنه في حال النهوض بهذا القطاع الحيوي، فلا يمكن تخيل حجم المساهمات التي ستتأتى منه في مختلف المجالات، أكان لجهة توفير فرص التشغيل أو رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي (التي تبلغ حاليا 11%)، او ما سيقدمه من مساهمة في الإيرادات العامة للحكومة من ضريبة ورسوم تعدين، او في ترجيح كفة الصادرات في الميزان التجاري للمملكة، وغيرها من المجالات كتخفيض حدة الفقر.
ورأى أن قطاع التعدين قد أهمل كثيرا، وآن الأوان للاهتمام به وإيجاد حاضنة له، والتركيز عليه بمعزل عن قطاع الطاقة وليس جعله تابعا له.
ودعا عياش إلى تطوير التشريعات بما يوفر طريقا واضحة أمام الشركات الراغبة بالاستثمار والاستكشاف والدخول في الصناعات التحويلية، ولفت إلى أن هذا لا يعني اختراع القوانين، وإنما الإفادة من الممارسات الفضلى الموجودة في المنطقة والعالم.
وعرض كذلك للتحديات والمعوقات أمام قطاع التعدين، ولكيفية التغلب عليها وبخاصة ما يتعلق بتحديي المياه والطاقة. وحض على الإفادة من التكنولوجيا في حل هذه المعضلات.
كما تمنى على الحكومة ان تعيد تجسير العلاقة مع واضعي لجنة التحديث الاقتصادي بهدف التأكد من سلامة الإجراءات التي تفضي إلى التنفيذ الصحيح والسليم لأهداف الرؤية.
وتاليا نص الحديث..
ما الإمكانات الكامنة والفرص الاستثمارية لدى قطاع التعدين؟ الغرض الأساسي لرؤية التحديث الاقتصادي هو العمل على تحرير الإمكانات لقطاع التعدين، حيث نرى أن مساهمة قطاع التعدين حاليا في الناتج المحلي الإجمالي تعادل 11% وهو رقم كبير بالنسبة للتعدين وهو يشمل الصناعة والقيمة المضافة.
وهذه النسبة التي تعود من قطاع التعدين هي من دون الاستثمار «التعدين المعدني»، الذي يقتصر على صناعات الفوسفات والبوتاس التي تدخل في صناعة الأسمدة، وهناك جزء كبير جدا من «التعدين المعدني» مثل النحاس واليورانيوم لم نستخرج منها شيء.
فلنتخيل أن مساهمة جزء يسير من قطاع التعدين يشكل 11% من الناتج المحلي! إذن فعند تحرير الإمكانات الكامنة لهذا القطاع يمكننا أن نطلق عنان السماء لمخيلتنا إلى أين يمكن أن نصل وكم ستبلغ مساهمة هذا القطاع للتعدين.
ولأضرب مثلا دول مجموعة العشرين ومجموعة السبع، وهي الدول الكبرى التي بنت اقتصادها على قطاع التعدين مثل كندا وأستراليا وجنوب أفريقيا. لذلك يمكننا أن نكون حاليا أفضل من ذلك بكثير خصوصا وأننا نقع ضمن نطاق جيولوجي يطلق عليه «الدرع العربي» وهو من أغنى المناطق الجيولوجية في الثروات المعدنية التي لم تستغل ليس فقط في الأردن وإنما على مستوى المنطقة.
وعند النظر إلى دول المنطقة نرى أن السعودية ومصر أصبحتا من الأوائل في تعديل القوانين أكان بالتعدين أو الاستثمار بالتعدين لجذب الاستثمارات، حتى أن الرؤية الاقتصادية 2030 سيكون قطاع التعدين الركيزة الثالثة للاقتصاد السعودي، لأنه كما نعلم أن العالم يتحول الآن من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة الخضراء وهذا يحتاج إلى التعدين.
ولمزيد من التوضيح فإن الدول في طور إنتاج الطاقة الخضراء من الطاقة الشمسية والرياح والمياه، ولكن لا يوجد قدرة لتخزين الطاقة وهو الحلقة المفقودة، والأهم التي تحتاج إلى المعادن وعلى رأسها النحاس والكوبلت والنيكل وهي من المواد الرئيسة المستخدمة في التخزين.
ونحن في الأردن في العهد النبطي كنا أول دولة تصك نقودها من النحاس، كما أن وجود كميات كبيرة من النحاس على السطح دليل على أن لدينا كميات كبيرة تحت الأرض بحاجة لاستكشافها.
كيف يمكن لقطاع لتعدين المساهمة في تخفيف حدة البطالة والفقر؟ كذلك تخفيف المديونية والعجز المزمن في الموازنات ورفع معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي وتكريس قيمة مضافة في الاقتصاد الأردني؟ إذا استطعنا وضع الأسس الصحيحة لهذا القطاع لاستخراج واستغلال هذه المعادن؛ فقطاع التعدين يعمل على تركيز العمالة. وعندما نتحدث عن قطاع التعدين يجب الإشارة إلى أنه لا يوجد منجم في العالم إلا بنيت حوله مدن كاملة من مستشفيات ومدارس، فعمر أي منجم لايقل عن 60 إلى مئة سنة، وهذا يعني تحولا اقتصاديا كبيرا جدا واستقطابا لكفاءات. فعلى سبيل المثال منجم السكري في مصر بنيت حوله مدينة مرسى علم.
فمساهمة قطاع التعدين كبيرة في تخفيف حدة البطالة، إضافة إلى مساهمته في استقطاب الكفاءات وتوريد التكنولوجيا. وإذا بني قطاع التعدين على أسس سليمة وصحيحة سنجد انعكاسه على الاقتصاد الوطني وعلى الناتج المحلي وعلى النمو في الاقتصاد الوطني وزيادة الإيرادات العامة للحكومة من خلال الضرائب ورسوم التعدين وفي ترجيح كفة الصادرات في الميزان التجاري للمملكة.
ما أبرز التحديات والمعوقات أمام النهوض بالقطاع؟ التحديات والمعوقات الموجودة أمام القطاع هي كثيرة جدا. أولا: هذا القطاع أُهمل لفترة طويلة جدا حتى أن الحاضنة الأساسية سلطة المصادر الطبيعية تم إلغاؤها وإنهاؤها ولا ندري أين المعلومات الجيولوجية الموجودة لتعطينا المسار الصحيح.
لذلك؛ أهم حاجة في تقديري هي إيجاد حاضنة لفصل قطاع الطاقة عن قطاع التعدين. وأشدد هنا على أنه لا يجوز أن يكون قطاع الطاقة مرتبطا بقطاع التعدين؛ فكل واحد منهما صناعة مختلفة عن الأخرى. فقطاع التعدين في هذه الحالة هو كما الراكب في الكرسي الخلفي في السيارة الذي ينتبهون إليه من فترة إلى أخرى بمرآة السائق.
لذلك؛ يجب أن يكون هناك حاضنة، وهذا المطلب هو أحد مخرجات اللجنة الملكية لقطاع التعدين في رؤية التحديث الاقتصادي بأن يكون هناك حاضنة في قطاع التعدين منفصلة عن الطاقة وأن يكون لها كيان يرعى هذا القطاع وأن تضع الأسس الصحيحة السليمة والصحية للنهوض بهذا القطاع من التشريعات والممارسات الفضلى وقوانين مثل كندا واستراليا والولايات المتحدة الأميركية، فلا داعي ولا حاجة لاختراع القوانين مرة أخرى.
وعلى سبيل المثال؛ السعودية ومصر وسلطنة عمان لم تخترع القوانين بل حدّثتها وأخذت الممارسات الفضلى والاستراتيجيات الواضحة من تجارب الآخرين.
ما مسؤولية كل من الحكومة والقطاع الخاص في إعاقة تطوير القطاع؟ الحكومة للأسف منذ انتهاء رؤية التحديث الاقتصادي لم يتم التواصل بين الحكومة وأعضاء الفريق الذين وضعوا الرؤية، وأعتقد بأن هناك فجوة ما بين الحكومة وواضعي الرؤية.
وأشبه ما يحدث باستثناء مصمم المشروع من تنفيذه وإعطائه للمقاول مباشرة، فالمقاول سيعمل على مزاجه من دون العودة إلى مرجعية.
أما فيما يتعلق بالقطاع الخاص، فيجب استعادة الألق لشركات المساهمة العامة. فنحن نرى مساهمة الفوسفات والبوتاس كانت وما زالت ممتازة في رفد الاقتصاد الأردني فعليا.
ولنتخيل أن يكون لدينا ثلاث أو أربع شركات من هذا النوع واحدة بالنحاس وأخرى بالبازلت، وهكذا، فهي ستشكل إضافة إلى القيمة المضافة للصناعات التعدينية المتعلقة بها.
وأرى أن لدينا إمكانات عالية، لكن هناك بطء وعدم تنسيق مع فريق الرؤية الاقتصادية وهو بتقديري ما أبطأ الأمور بطريقة ليست جميلة.
ماذا عن دور التشريعات القانونية؟ بالنسبة للتشريعات القانونية جرى أخيرا، على ما أعلن، توقيع 13 مذكرة، لكن وفي رأيي، في قطاع التعدين أعتقد أنه يجب أن تكون الطريق واضحة أمام شركات التعدين، وأن تكون التشريعات القانونية ميسِّرة وتتسم بالوضوح ليكون الطريق واضحا تماما للشركات التي تتقدم لمذكرات التفاهم.
ولنعد إلى مصر والسعودية وسلطنة عمان؛ القوانين هناك واضحة والتشريعات القانونية والمالية والمحفزات والمعلومات واضحة جدا.. تقوم هذه الدول بطرح مناقصات تدعو إليها الشركات العالمية التي تطلب فيها الحد الأدنى من المتطلبات من هذه الشركات التي تريد الاستكشاف. فالدولة تحدد ما تريده من الشركة ومن ثم تقوم بطرح مناقصة للاستكشاف.
والذي يحب أن يضيف على الحد الأدنى من المتطلبات تكون له الأفضلية، فيجب أن يكون هناك قدرات تقنية وملاءة مالية لدى الشركات، فلا يهمنا العدد وإنما نحن نبحث عن النوعية.
لذلك لا بد من أن تكون التشريعات مبنية على أسس واضحة وسليمة وقوية وليس على رمال متحركة، ويجب أن يعلم المستثمر أنه إذا وقع الاتفاقية استكشافية ما الذي له وما الذي عليه ابتداءا من عملية الاستكشاف وانتهاءً إلى وصوله لمرحلة امتياز التعدين التي يطلق عليها «رحلة المستثمر» التي يجب أن تكون واضحة بالكامل.
كيف يمكن التغلب على التحديات والمعوقات وبخاصة المياه والطاقة؟ يجب أن يكون هناك تنسيق كامل ما بين السلطة التنفيذية (الحكومة) وبين واضعي الرؤية الاقتصادية ليكون هناك تنسيق وتناسق ووضوح في الطريق للوصول إلى أهدافهم.
أما بالنسبة لتحديات المياه والطاقة، في السعودية مثلا تمنح أراضِ للمستثمرين في قطاع التعدين ليبنوا عليها مزودات طاقة متجددة خاصة بهم التي تقوم بتزويد المشاريع بالطاقة الكهربائية من دون الدخول على شبكة الكهرباء.
أما بالنسبة لقطاع المياه؛ فنرى أن هناك تطورا كبيرا في التكنولوجيا، وهذا التطور هو الذي يساعد في التخفيف من استهلاك المياه في قطاع التعدين. فالعالم فعليا يركز على الحوكمة والممارسات البيئية والاجتماعية لقطاع التعدين.
فإذا طبقت مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي بشكل سليم ستكون هناك نقلة نوعية حقيقية بالاقتصاد الأردني.الراي