هي فلسطين، هي غزة هاشم، هو النضال الفلسطيني الحقيقي الذي لا يعرف دربا للحياة سوى الشهادة، ولا يعرف دربا للكرامة وصون تراب الوطن والثّأر لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلّم والمسجد الأقصى المبارك سوى بالدم والروح، هاهم يخطّون تا ريخا جديدا تاريخا ينتصرون به للدين وللكرامة وللعدالة ينتصرون لحياة.. نعم، لحياة يعيشها العالم ولا يعرفون لها ملامح، شعب أطلق «طوفان الأقصى» ليحيا الأقصى آمنا مقدّسا.
ليس يوما عاديا أهداه الشعب الفلسطيني أمس للبشرية جمعاء، بتفاصيل ربما أجيال لا تعرفها سوى في كتب التاريخ، يوم قتل بها أكثر من (100) شخص من الاحتلال حتى عصر يوم أمس، وعدد المصابين بجروح متفاوتة جراء عملية طوفان الأقصى نحو 740 مصابا، ليس أرقاما صمّاء إنما هي قصة كفاح ونضال تؤكد للعالم أن فلسطين قويّة وأن الأقصى عصيّ على تدنيس قدسيته، وأن الاحتلال لن يستمر بجرائمه على القدس فوق أرضها وتحتها، فجرائمه طالت مقابرها.
يوم يغيّر التاريخ، ويسجّل ملحمة جديدة، يوم تعترف به إسرائيل أنه من يجري لا يشبه أي شيء عرفوه في مواجهة الفلسطينيين، متناسين أن للظلم نهاية، وللمساس بالمقدسات ثأرا لا يشبه سوى ما شاهدوه وسيشاهدون، ليرتفع عدد قتلاهم ساعة تلو الأخرى، ويتم الإعلان عن شخصيات من كبار الضباط ضمن الأسرى لدى الفلسطينيين، هي تفاصيل تعيد شكل واقع الحال باستعداد فلسطيني كامل لإنهاء ظلم بات أساس حياتهم، والعدالة فيها استثناء، يوم تاريخي أصرّ به الفلسطينيون على أن يعيش الاحتلال شيئا مما عانوه على مدى سنين، من قتل وأسر واحتلال، فهي العدالة بأنصع صورها وأكثرها وضوحا وواقعية.
غزة، حالفك التميّز يوم أمس، وحالفك اعجاب كلّ باحث عن العدل، حالفك الانتصار للدين والأقصى، وجعلتِ من الأمل بإحقاق الحق يحالفنا جميعا، وانتزاع خيبات الفشل والاعتداء على المقدسات من كلّ من نالت منه هذه المشاعر، فلم نتوقع يوما أن نرى مستوطنات بيد الفلسطيني صاحب الأرض والحق، ولم نتوقع أن نرى أسرى إسرائيليين في يد الفلسطيني، رغم ما سجّله تاريخنا من الآلاف من هذه المشاهد، هو الانتصار يا غزة هاشم للحق والحرية وللقدس الشريف، يوم نحتاجه رغم ضعفنا أمام عظمتك.
شهداؤك اليوم فلسطين، يعيدون بدمائهم حقا سُلب منك، حق الحياة، الذي أصرّ الاحتلال على سلبه منك، وازداد إصرارا رغم كل ما يسمعه يوميا من تحذيرات بأن تعزيزه للظلم سيؤدي لنتائجها تقتل السلام، وتقتل فرصه، وتزيد من الأمور سوءا حدّ الثأر الذي لا ولن يعرف الهدوء، فلم تترك إسرائيل للفلسطيني خيارات حتى يطلق «طوفان الأقصى» مدافعا عن مقدساته ودينه وحياته.