كلمات قارب عددها (600) ، كلّ كلمة منها حملت رسالة عظيمة، وهامة، ويمكننا القول أن في خطاب العرش لجلالة الملك عبدالله الثاني، الذي افتتح به أعمال الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة التاسع عشر، حمل مئات الرسائل الموجهة لقضايا في الشأن المحلي، وللقضية الفلسطينية التي حمل الخطاب مضامين جوهرية بشأنها والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
كل كلمة تحدث بها جلالة الملك في خطاب العرش، يُمكن اعتمادها عنوانا للمرحلة، فقد تحدث جلالته عن الشأن المحلي بتأكيدات على التحديث وحضور الشباب والمرأة بتفاصيله، والدفع باتجاه حضور قوي لهم، وفعّال والأهم توفير السبل الحقيقية الكفيلة بهذا الحضور، وجعلهم جزءا حقيقيا من الحياة «والأخذ بيدهم لتعزيز دورهم على الساحة السياسية فعلا لا قولا، فالمستقبل لهم، وعلينا أن نفسح الطريق أمامهم، وعهدي لهم ألا نسمح باغتيال أحلامهم في التحديث والتطوير» رؤى عبقرية بأعلى درجات المثالية السياسية في أن تكون الحياة السياسية المقبلة مثالية وتكاملية بين كافة أفراد المجتمع فعلا لا قولا.
وتحدث جلالته في خطاب اتسم بما قلّ ودلّ بأقصى درجات الدلالات لما هو أفضل ونموذجي وحاسم، تحدث عن القضية الفلسطينية مجددا جلالته التأكيد على أن فلسطين ستبقى بوصلتنا، وتاجها القدس الشريف، برسالة سياسية هي الأقوى والأوضح والأكثر حسما بشأن فلسطين، معرّفا جلالته ما تشهده فلسطين بالتصعيد الخطير، والعنف وعدوان، لتكون الرؤية الأكثر وضوحا عربيا وعالميا لما تشهده فلسطين منذ السابع من تشرين الأول الحالي، والحسم بأن ذلك دليل على ما يؤكده دوما جلالته بأن «منطقتنا لن تنعم بالأمن والاستقرار دون تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين».
هي التأكيدات الملكية المستمرة، بأن حل الدولتين وحصول الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، هي الوصفة العملية لسلام حقيقي، دون ذلك ستبقى المنطقة والعالم على حافة أزمات متعددة الأوقات والأماكن، ليوجه بذلك جلالته رسالة هي بالشأن الفلسطيني، سيما وأن جلالته شدد على أنه «لا أمن ولا سلام ولا استقرار من دون السلام العادل والشامل الذي يشكل حل الدولتين سبيله الوحيد»، والتأكيد على الموقف الأردني الذي سيظل ثابتا، بشأن القدس «ولن نتخلى عن دورنا مهما بلغت التحديات، في سبيل الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، والحفاظ عليها من منطلق الوصاية الهاشمية».
موقف أردني واضح من القضية الفلسطينية ثابت حدّ مقاومة كافة التحديات والصعوبات التي تواجه كل باحث عن السلام، ومطالب بالعدالة، موقف أردني يؤكد عليه جلالة الملك راسخ بعمق القناعة ويقين الحقيقة، موقف أردني متجذّر بتاريخ وطن كان وبقي وسيبقى سندا وداعما للفلسطينيين وصيّا على مقدسات قبلة المسلمين الأولى، موقف متشدد لجهة السلام وإحقاق الحق ومنح الفلسطينيين حقهم بدولتهم في زمن لم يعد به احتلال في أي بلد ولأي بلد، موقف أردني واضح بحجم قضية تاريخية.. قضية فلسطين.
وفي ذات الخطاب أكد جلالة الملك على اصطفاف الأردن خلف الأشقاء العرب في قضاياهم ليبقى الأردن في خندق العروبة، (وسيبقى الأردن في خندق العروبة، يبذل كل ما بوسعه، في سبيل الوقوف مع أشقائه العرب)، فهو الأردن الشقيق الأكبر إنسانيا، الباقي دوما في حاضنته العربية مقدما كل ما بوسعه للوقوف مع أشقائه، حاميا مدافعا متضامنا، عروبيا، بقيادة فذّة.
ووصل جلالة الملك بتعبير يتجاوز كلّ معاني التقدير، لدور نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، مصفقا لهذه الكوادر التي أبقت الأردن صامدا بحماية زنودهم كما قال جلالته،(سيبقى وطننا صامدا تحميه زنود النشامى من أبناء القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي والأجهزة الأمنية، الذين قدموا التضحيات جيلا بعد جيل، وحموا الوطن بالمهج والأرواح، في سبيل إعلاء رايته، والحفاظ على منعته وقوته، ليبقى عزيزا مهابا، فلهم منا كل التقدير والتحية، ولن نتوانى عن تقديم كل الدعم لتطوير قدراتهم وتعظيم قوتهم)، هو شكر جلالة الملك لرفاق السلاح، بتحية ملكية تحكي الكثير الكثير من التقدير والمحبة، ليكون لنشامى الجيش والأمن مكان حبّ ووفاء عند جلالة الملك والأردنيين.