زاد الاردن الاخباري -
في ظل تزايد أخبار الموت والدمار الذي يخلفه القصف الإسرائيلي على غزة ردا على هجمات حركة حماس، الأسبوع الماضي، تتفاقم معاناة المقيمين خارج الأراضي الفلسطينية في كل لحظة مع صعوبة الوصول لأخبار عائلاتهم أو الاطمئنان عليهم.
وعرضت صحيفة "واشنطن بوست" جانبا من معاناة الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم في الاتصال بأحبائهم في غزة، وهم يراقبون تقارير الحرب في ظل شعورهم بالرعب والعجز.
وذكرت الصحيفة أنه في العادة، تتدفق الرسائل بين أفراد عائلة الآغا بكثافة وبسرعة، لكن في الأيام التي تلت قيام إسرائيل بقطع الكهرباء والوقود عن غزة، تباطأ تدفق المعلومات التي تصل إلى هاتف ياسمين الآغا إلى حد كبير.
وقُتل 10 أفراد من عائلتها الكبيرة، الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد و62 عاما، في غارة جوية واحدة ضربت منزلهم، صباح الأربعاء. وعلمت ياسمين، وهي طالبة حقوق في شيكاغو، بوفاتهما من خلال ابن عم لها في أيرلندا، بحسب الصحيفة.
وفي ذلك المساء، أوضحت الصحيفة أن ياسمين شاهدت مقطع فيديو على تطبيق تيليغرام يظهر المباني المدمرة في حي أجدادها. وانتظرت طوال ليلة مؤلمة لتسمع أخبارهم ولا يزال باقي أفراد الأسرة محاصرين في غزة، ومعظمهم في مدينة خان يونس الجنوبية.
وقالت للصحيفة: "في الوقت الحالي، يجب أن أستمتع باللحظات التي أستطيع التحدث فيها معهم، لأنني لا أعرف عند أي نقطة لن أتمكن من الحديث معهم ثانية". وأضافت: "أجدادي كبار في السن. لقد وصلوا، لسوء الحظ، إلى مرحلة حيث أصبحوا يتقبلون مصيرهم أي كان".
وتابعت ياسمين: "معظم الناس في غزة يحاولون فقط أن يعيشوا حياتهم اليومية.. لا أحد يريد إيذاء اليهود بحسب الفكرة السائدة المغلوطة والخاطئة تمامًا".
وحذرت إسرائيل، الجمعة، المدنيين في شمال قطاع غزة، الذي يسكنه ما يقرب من نصف سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، من التحرك جنوبا قبل غزو بري متوقع. وفرضت إسرائيل حصارا على القطاع المكتظ بالسكان، وأغلقت الحدود ومنعت وصول الغذاء والوقود والكهرباء.
ونفذت حركة حماس، المصنفة إرهابية، في 7 أكتوبر، هجوم مفاجئ على إسرائيل، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1300 شخص أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفاء. وتقول السلطات هناك إن الضربات الانتقامية التي شنتها إسرائيل أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 2329 شخصًا في غزة، معظمهم من المدنيين أيضا وبينهم نساء وأطفال.
وتحدث درغام أبو سليم، الكاتب الفلسطيني المقيم في واشنطن والذي لديه والدان وأفراد آخرون من الأسرة المحاصرون في القطاع، عن معاناته للصحيفة: "نحن جميعا نعاني من العجز والخوف لأننا لا نستطيع الحصول على آخر أخبار عائلاتنا". وأضاف: "لا نريد سوى سماع صوتهم والاطمئنان عليهم".
وتحكي ظريفة بارود مأساة عائلتها للصحيفة، قائلة إن أجدادها أُجبروا على العيش في مخيمات اللاجئين في غزة عند إنشاء إسرائيل في عام 1948. وبعد مرور خمسة وسبعين عامًا، كما تقول، لا يزال معظم أحفادهم في مخيمات اللاجئين أو حولها.
وظريفة، 24 عامًا، من سياتل، وتعمل في مجال الإعلام الرقمي مع مجموعة "المسلمون الأميركيون من أجل فلسطين"، قُتل ستة من أفراد عائلتها، وهم عمتها وخمسة أبناء عمومة تتراوح أعمارهم بين 9 و18 عامًا، في غارة جوية إسرائيلية، الاثنين، بحسب الصحيفة.
وقالت: "كان أبناء عمومتي جميلين ولطيفين للغاية".
وشاهدت ظريفة للتو مقطع فيديو على إنستغرام يظهر فيه ابن عم لها في المستشفى. وقالت للصحيفة: "هكذا اكتشفنا، لأنه لا يمكن لأحد الاتصال بنا".
وقالت السلطات الفلسطينية إن محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة نفد وقودها وتوقفت عن العمل، الأربعاء. ويعتمد معظم سكان المنطقة الآن على ما قد يكون لديهم من طاقة شمسية ووقود مولدات.
وحاولت إسراء المدلل في تركيا الاتصال بأفراد عائلتها دون نجاح يذكر، لأن خطوط الهاتف والهواتف المحمولة معطلة.
وقالت للصحيفة وهي تبكي: "لقد جربت كل أرقامهم ملايين المرات".
وتلقت إسراء، الخميس، رسالة عبر تطبيق واتساب تخبرها أنهم على قيد الحياة، لكن قلقها وشعورها بالعجز يتفاقم لعدم قدرتها على فعل أي شيء من أجلهم. وبعثت برسالة تقول فيها: "سامحوني"، لكنها لا تعرف متى أو إذا كان سيتم قراءتها.
وسمع أبو سليم، 34 عاما، من والديه في غزة "ثلاث أو أربع مرات فقط"، منذ السبت، بحسب الصحيفة التي أوضحت أنه وُلد في قطاع غزة، وحصل على منحة للدراسة في الولايات المتحدة عندما كان عمره 16 عاما، ويعيش الآن في واشنطن.
وكان أبو سليم في غزة خلال الصراع في عام 2014 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 2000 فلسطيني وعشرات الإسرائيليين. وقال للصحيفة: "لقد تم تجريدنا من إنسانيتنا لفترة طويلة حتى أنه يبدو الآن أن قتل الفلسطينيين في غزة أمر عرضي للغاية".
وحكى أبو سليم للصحيفة أن والده، وهو في الثمانينات من عمره، يعاني من شلل جزئي بعد إصابته بسكتة دماغية، وبدأ يعاني أيضا من نوبات مرض السكري، الأسبوع الماضي، بسبب نقص العلاج. وأوضح أن والدته في الستينات من عمرها وكفيفة.